هيئات مدنية تناقش اشكالات منظومة العدالة

أشارت الأستاذة فضيلة أربيب أن مشروع الإصلاح العميق والشامل لمنظومة العدالة يستمد مرجعيته من دستور المملكة الذي كرس مبدأ استقلال القضاء عن السلطتين التشريعية والتنفيذية، وعزز دوره في حماية حقوق الأفراد والجماعات وحرياتهم، ومن توجيهات جلالة الملك الذي أولى القضاء أهمية خاصة في خطبه، ثم من التصريح الحكومي الذي جعل الإصلاح العميق والشامل لمنظومة العدالة في صدارة أولويات برامج الإصلاح الحكومي.
وأضافت قائلة، خلال اليوم الدراسي حول إصلاح منظومة العدالة الذي نظم بشراكة بين منتدى الزهراء للمرأة المغربية ومنظمة تجديد الوعي النسائي ومنتدى الكرامة لحقوق الإنسان والجمعية الوطنية الحضن، أن الاهتمام بموضوع إصلاح العدالة يأتي اعتبارا للدور الحيوي للعدل في البناء الديمقراطي وتوطيد الاستقرار الاجتماعي والتنمية الاقتصادية، وحماية حقوق والتزامات المواطنين والفاعلين الاقتصاديين والاجتماعيين، ولكون القضاء ملاذا لصون الحقوق والحريات وضمان ممارستها الفعلية، وتحقيق الأمن القضائي، والالتزام بسيادة القانون، وترسيخ الثقة الكفيلة بالتحفيز على المبادرة  والاستثمار.

واعتبارا لكون الهيئات المنظمة لهذا اليوم الدراسي جزء أساسي من مكونات المجتمع المدني الحقوقي المغربي، وتحملا لمسؤوليتها للمساهمة في هذا الورش الغير المسبوق لإصلاح منظومة العدالة في شموليتها، ارتأت الهيئات أن تكتل الجهود لتدارس أهم الإشكالات التي تعرفها المنظومة مع طرح بعض معالم الإصلاح وفق تصورها لهذه الإشكالات، بمشاركة مختصين لهم خبرة في المجال من قضاة ومحامين ومتخصصين من مختلف المهن القضائية وكذا من طرف فاعلين حقوقيين ومدنيين، وذلك في استمزاج لرؤية المتخصص والمناضل.
وقد طرح المنظمون لهذا اليوم الدراسي حول إصلاح منظومة العدالة بعض التساولات المشروعة حول بعض القضايا التي تبدو لهم جوهرية، كتخليق منظومة العدالة، واستقلال السلط القضائية، وتطوير العدالة الجنائية وتعزيز ضمانات المحاكمة العادلة وإنصاف الضحايا، وتأهيل قضاء الأسرة.

كما عرف اليوم الدراسي عرضا حول "تحديث وتخليق العدالة" للأستاذ عبد المالك زعزاع، الكاتب العام لمنتدى الكرامة لحقوق الإنسان، تناول خلاله ثلاثة محاور كبرى للإصلاح وهي التخليق والتحديث والتأهيل. وأشارت الدكتورة عزيزة البقالي، رئيسة منظمة تجديد الوعي النسائي، في عرض حول "قضاء الأسرة: التحديات والآفاق" أن الإجماع على مستوى "مدون الأسرة" لم يكن كافيا لتجاوز مشاكل تم رصدها على مستوى الممارسة الفعلية والتنزيل الواقعي لنص القانوني. وتطرق الدكتور عبد العالي حامي الدين رئيس منتدى الكرامة لحقوق الإنسان، في عرض حول "استقلالية السلط القضائية" إلى مفهوم الاستقلالية والذي يقصد به عدم التدخل في عمل السلطة القضائية بالشكل الذي يمكن أن يؤثر في عملها المرتبط بتحقيق العدالة. وفي مداخلة للدكتورة بثينة قروري رئيسة منتدى الزهراء للمرأة المغربية، حول "السياسة الجنائية في مجال المرأة والأسرة: جوانب القصور" أشارت فيها إلى أن 11% من مجموع القضايا المعروضة على المحاكم هي قضايا ماسة بالأسرة والمرأة وتتصدرها قضايا الفساد والدعارة وإهمال الأسرة والخيانة الزوجية، كما تطرقت إلى إشكالية بطء العدالة وكثرة الإجراءات والمساطر وتعقدها مما يساهم في تفشي المحسوبية والرشوة. وفي نفس السياق قدمت الدكتورة أمينة أمليل رئيسة الجمعية الوطنية الحضن، بعض المقترحات لتيسير ولوج المرأة للعدالة.  

وحضيت المحاور بمناقشة مستفيضة من المشاركين توجت بتسطير عدد من التوصيات، من قبل تأهيل البنيات التحتية لاستقبال المواطنين، تسهيل ولوج للمعلومة القضائية والإدارية بالمحاكم، حماية حق استقلال السلطة القضائية،  تعزيز آليات التكوين للنهوض بالمهن القضائية، العناية بأوضاع القضاة، تبني العقوبات البديلة بدل العقوبات السالبة للحريات في قضايا المرتبطة بالأسرة، اعتماد العرض على الخبرة النفسية للعلاج النفسي لبعض مرتكبي الجرائم بدل اعتماد المقاربة الزجرية، إيجاد خلايا إصلاح ذات البين في المحاكم لعرض القضايا عليها قبل اللجوء لمسطرة التقاضي،  تكوين الأطر المتخصصة في مجال الصلح، تبسيط الوثائق المرتبطة بالاستفادة من صندوق التكافل العائلي، تفعيل دور المؤسسات الشريكة خاصة المجتمع المدني، مراكز الإرشاد الأسري، مراكز الاستماع في التخفيف من كثرة الملفات الموجهة للقضاء، إحداث هيأة محلفين بالمحاكم تقوم بدور استشاري ورقابي للأحكام، سقوط الدعوى الجنائية مع الصلح ورفع النيابة العمومية يدها عن الدعوى العمومية، استقلالية كتابة عن القضاة، إحداث محكمة خاصة بالأسرة والطفل...