- - بخصوص الاتجاه الأول إن القول بإلغاء الاستثناء الوارد في المدونة إعمالا للمقاربة القانونية البحتة سوف يضعنا أمام ظواهر وإشكاليات لا تقل خطورة من قبيل حالات حمل المراهقات خارج إطار الزوجية وخارج السن القانونية، علما أن هذه ظاهرة منتشرة بالمدن والقرى معا. من جهة أخرى، فإن هذه المقاربة القانونية وهذا التشدد القانوني والمسطري سوف لن يمنع الزواج بالنسبة لهذه الحالات ولكن سوف يضع هذه الزيجات خارج أي مراقبة قانونية أو قضائية وسوف يعود بالمجتمع إلى ظواهر الزواج العرفي والزواج بالفاتحة في عدد من المناطق التي حرمت الفتيات من متابعة دراستهن بسبب بعد المؤسسات التعليمية خاصة الإعداديات والثانويات فلم يجد آباؤهم سوى حل تزويجهم وهي زيجات ما زالت الجهود الحكومية متواصلة لمعالجتها .إذن ليس بإمكان اعتماد مقاربة قد تؤدي إلى تنامي ظواهر أخرى أكثر خطورة،
- - أما الاتجاه الداعي إلى الإبقاء على المادة 20 مع إضافة السن الأدنى للزواج في 15 او 16 سنة على غرار ما اعتمده المشرع المغربي في تقرير بعض الأحكام الخاصة فهو بدوره يطرح نفس الإشكاليات والمخاطر هذا إلى جانب أن غالبية القضاة لا يقبلون الطلبات دون سن 16 أو 17 سنة.
- - ليكون بذلك الاتجاه الأخير هو الأقرب إلى الصواب وبالتالي الوضع يحتاج إلى تفعيل المقتضيات والإجراءات الواردة في المادة 20 ولمعالجة أشمل وأعمق تتمثل في اتخاذ مجموعة من التدابير في مجالات متعددة اجتماعية واقتصادية وتربوية وثقافية وقانونية.
وبالتالي فالأولى لمعالجة هذه الإشكالية ان تكون المقاربة شمولية والمداخل متعددة ولهذا ينبغي العمل على:
- - الرصد الحقيقي للظاهرة عبر دراسة وطنية حول الموضوع تحسم في حجم انتشار الظاهرة ومداها ،
- - العمل على إيجاد حلول اقتصادية للمناطق المهمشة للحد من انتشار الظاهرة بها
- - العمل على إعادة التأهيل الديني لبعض المناطق التي تعرف انتشار للظاهرة (الأطلس – الجنوب )
- - تفعيل دور المجتمع بكافة مؤسساته في التوعية والتوجيه والإرشاد الأسري البناء الذي يعرف بأهمية الأسرة ورسالتها وأدوارها خاصة مع تنامي ظواهر أكثر خطورة لا يتم الحديث عنها بنفس الدرجة كحمل القاصرات خارج إطار الزوجية وانتشار ما يطلق عليه "بالأمهات العازبات" والأطفال مجهولي الأب وأطفال الشوارع في مقابل ارتفاع نسب العزوف عن الزواج وارتفاع معدل سن الزواج للفتى والفتاة ، لماذا لا يتم النضال وترتفع الاصوات والشعارات بنفس الدرجة عندما يتعلق الأمر بهذه الظواهر الغريبة عن مجتمعاتنا كما هو الحال مع قضية زواج الفتيات دون سن الأهلية علما ان النص القانوني السالف الذكر يتحدث عن الفتاة والفتى معا.
- - ضرورة توفر إعلام مؤطر وموجه للظاهرة ،
- - العمل على تأكيد دور الأسرة في تأهيل الفتى والفتاة ،
- - ضرورة وجود قضاة متخصصين في المجال،
- - تفعيل دور المساعدات الاجتماعيات وتمكينهن من آليات العمل وتعميمهم على كافة المحاكم ومراكز القضاة المقيمين ،
- - إجراء خبرة طبية (نفسية وفيزيولوجية للفتاة) لما في ذلك من ضمانة وحماية للقاصر قبل منح الإذن بالزواج من طرف القاضي وتسهيل امكانياتها عبر قرب تواجد المراكز الصحية من ساكنة البوادي مزودين بخبراء في هذا المجال خاصة وأن 62 في المائة من الحالات مسجلة في البوادي (مابين سن 16-17-18 سنة) واقل من 15 سنة سجلت 150 حالة ،
- - السماح بإمكانية الطعن في مقرر رفض أو قبول الطلب،
وفي الأخير اعتبر أن الحسم في قضية من هذا الحجم يحتاج إلى مجهود اجتماعي وثقافي وشرعي وقانوني يستحضر الظاهرة بمقارباتها المتعددة ليتم الخروج بتوصيات وحلول عملية تحفظ حماية لحقوق القاصر من جهة والحق في الزواج كحق إنساني من جهة أخرى ثم أن المطالبة بأي تعديل قانوني يجب أن يكون استجابة لحالة مجتمعية وليس لعوارض مجتمعية .
الاستاذة . زكية البقالي القاسمي
باحثة في قضايا الاسرة