الاصدار السادس ضمن سلسلة الزهراء

صدر مؤخرا لمنتدى الزهراء للمرأة المغربية العدد السادس من سلسلة الزهراء بعنوان "الاستغلال الجنسي للقاصرات: دراسة ميدانية بالمغرب". ويندرج موضوع هذه الدراسة العلمية ضمن ظاهرة الاتجار بالبشر كأحد أنواع الجريمة المنظمة، وتعتبر هذه الأخيرة نوعا متطورا لتجارة الرق والعبودية التي تتنافى مع المبادئ الكونية لحقوق الإنسان، ومنظومة القيم الإنسانية، إذ تحتل هذه التجارة المرتبة الثالثة من حيث العائد المالي بعد تجارة المخدرات والسلاح.

إن الإقرار بتعرض النساء للاستغلال الجنسي المنظم لم يقتصر على التقارير الدولية بل تؤكده تقارير وطنية للعديد من البلدان بشكل عام وللبلدان العربية منها بشكل خاص. ولكون المغرب يحتل مكانة متميزة على خارطة السياحة العالمية، باعتباره قبلة لملايين السياح، فقد تحولت نسبة كبيرة من هذه السياحة من سياحة ترفيهية إلى سياحة الجسد ، مما أضحى يشكل تهديدا حقيقيا للنسيج الأسري المغربي على المستوى الداخلي وعلى صورة المرأة المغربية على المستوى الخارجي.

واستنادا إلى التقارير السابقة حول الظاهرة ونتائج الحملات التحسيسية التي قامت بها الشبكة الجمعوية لمنتدى الزهراء للمرأة المغربية داخل المؤسسات التعليمية وخارجها في مختلف ربوع المملكة، بادر منتدى الزهراء بانجاز دراسة علمية حول ظاهرة الاستغلال الجنسي للقاصرات نظرا لأهمية البحوث الأكاديمية في دراسة الظواهر الاجتماعية من حيث رصدها وتحليلها والكشف عن مختلف العوامل التي أفرزتها اجتماعية ونفسية واقتصادية وغيرها.

 وانسجاما مع ذلك تتحدد أهمية الدراسة في المستويات التالية:
- أول دراسة تستجيب لشروط البحث الأكاديمي في مجال العلوم الإنسانية تقوم بها هيئة نسائية مدنية.
- استحضار الدراسات العلمية السابقة في المجتمعات الغربية والعربية حول الموضوع لمعرفة مدى وجود تشابه في أسباب ونتائج الاستغلال الجنسي للقاصرات أو مدى وجود الاختلاف بين بنية مجتمعنا المغربي وباقي المجتمعات الأخرى.
- تكييف ومغربة أدوات سيكوميترية موضوعية سبق تطبيقها في بيئات أجنبية، وإعداد أخرى للبيئة المغربية لتستوفي شروط إمكانية استخدامها في المجالات المحددة لها بهدف الوقوف عند طبيعة الانعكاسات التي يخلفها الاستغلال الجنسي للقاصرات.
- الأهمية التطبيقية للدراسة من حيث النتائج التي سيسفر عنه البحث الميداني.

كما يمكن تحديد أهداف الدراسة في:
- الكشف العلمي عن واقع الاستغلال الجنسي وآثاره المتعددة على شخصية القاصرات.
- لفت انتباه المسؤولين إلى خطورة الاستغلال الجنسي على شخصية القاصرات واختلال توازنهن النفسي وضعف ارتباطهن بمحيطهن الاجتماعي إضافة إلى التكاليف الاقتصادية المستقبلية.
- التفكير في إيجاد وسائل وحلول ناجعة كفيلة بالحد من الظاهرة.
- مد المسؤولين والمهتمين بإطار نظري وبنتائج ميدانية عن بعض آثار الاستغلال الجنسي على المستوى الفيزيولوجي والنفسي وانعكاساتها على المحيط الاقتصادي والاجتماعي لاستحضارها في مجال التخطيط والبرمجة.
- مقارنة النتائج التي ستكشف عنها الدراسة بنظيراتها في السبعينات لتحليل التحولات التي عرفتها والكشف عن الآليات الجديدة التي ساهمت في تطورها.

إن النتائج التي أسفرت عنها الدراسة مكنتنا من إرساء المعالم العامة لمجالات التدخل للحد من ظاهرة الاستغلال الجنسي وتمكين القاصر من آليات الحماية من التهديدات التي يطرحها هذا الموضوع. كما مكنتنا الدراسة من الإقرار بضعف التوافق النفسي والاجتماعي للقاصرات المستغلات جنسيا من جهة ومن وجود بنية نفسية هشة عرضة لكل أنواع الانحراف من جهة أخرى. ومنه ندعو كل الفاعلين الحكوميين والمدنيين لانجاز دراسات علمية حول الظاهرة تتناول مستويات أخرى لم تتطرق إليها دراستنا هته، لتكوين نظرة شمولية حول خصوصية ظاهرة الاستغلال الجنسي للقاصرات بالمغرب، والمساهمة في تغيير نظرة القاصر لذاتها من نظرة متمحورة حول الجسد إلى ذات واعية بكرامتها تتطلع إلى مكانة أفضل.