العدد الثالث من سلسلة وثائق ومذكرات مرجعية

من منطلق الدور والمكانة التي أصبحت تضطلع بها جمعيات المجتمع المدني كفاعل أساسي في نطاق الديمقراطية التشاركية والمساهمة البناءة في إرساء مغرب الغد المتطلع لتعزيز الحقوق والحريات وتثمين المبادئ والقيم وفقا للمنطوق الدستوري المتعلق بثوابت الأمة ومقومات هويتها الراسخة بما أتاحه الدستور الجديد من ضمانات وصلاحيات وإمكانيات ووسائل عمل جديدة.

لهذا وتفاعلا منا مع النقاش العمومي الدائر حول تنزيل الفصل 32 من الدستور الجديد والمتعلق بدسترة الأسرة القائمة على علاقة الزواج الشرعي وتنصيصه على تأسيس مجلس استشاري للأسرة والطفولة، تأتي هذه المذكرة التي تعكس تصورنا للمجلس الذي كان مطلبا تاريخيا لمنتدى الزهراء للمرأة المغربية.

إن إنشاء هيأة دستورية، ضمن هيآت النهوض بالتنمية البشرية المستدامة والديمقراطية التشاركية، وتكليفها بمهام السهر على بلورة إستراتيجية وطنية وسياسة عمومية مندمجة لحماية الأسرة والرقي بأدوارها التربوية والاجتماعية سيشكل لا ريب خطوة مهمة في حماية الأسرة وتعزيز أدوارها المجتمعية وتفعيل ضمانات الحماية الحقوقية والاجتماعية والاقتصادية للأسرة وجعل هذه الأخيرة أولوية في السياسات والبرامج الحكومية.

وفي إطار المساهمة في استكمال المسار الحقوقي للمرأة المغربية قدمنا مذكرتنا حول تفعيل الفصل 19 من الدستور الذي ينص على سعي الدولة لتحقيق مبدأ المناصفة بين النساء والرجال، وهي الصيغة التي نعتقد أنها تستحضر طبيعة العوائق الثقافية والاجتماعية التي تعترض المبدأ وهو ما يتطلب التنزيل التدريجي له وجعل المناصفة أفقا. وفي هذا الإطار جاءت مذكرتنا حول هيأة المناصفة ومكافحة كافة أشكال التمييز والتي تبنينا من خلالها مقاربة شمولية تستحضر جميع أدوار المرأة وتهدف إنصافها وحماية كرامتها وتحقيق المساواة العادلة بينها وبين الرجل، مستحضرين في هذا الإطار المبادئ الدولية والمؤطرة للمؤسسات الوطنية ومستلهمين التجارب الدولية الرائدة والإكراهات التي عرفتها.

إن منتدى الزهراء للمرأة المغربية وهو يضع بين يدي العموم مذكرتيه حول المجلس الاستشاري للأسرة والطفولة وهيأة المناصفة ومكافحة كافة أشكال التمييز يعي أهمية اللحظة التأسيسية التي يعرفها المغرب، ويعتبر أن مسار النضال من أجل تعزيز حقوق المرأة وفق مقاربة  تتبنى منهج وسطي يجتهد انطلاقا من المرجعية الإسلامية ويرتكز على المكتسبات الدستورية ويستوعب التغييرات والتطورات التي يعرفها الواقع، هو مسار تراكمي يتطلب عمل متواصل ودؤوب ويستلزم تظافر جهود الجميع.