في إطار مواكبة منتدى الزهراء للمرأة المغربية لتفعيل وتنزيل المقتضيات الدستورية المرتبطة بالنهوض بوضعية المرأة وخاصة منها الفصل 19، ودعما لمسار الجهود المبذولة ميدانيا من لدن مكونات شبكته الجمعوية الممتدة عبر ربوع الوطن في مجال تعزيز الحقوق الأساسية للنساء وضمان موقع متميز للمرأة في المسار الديموقراطي لبلادنا، وانطلاقا من قناعته بضرورة فتح ورش مراجعة الترسانة القانونية بما يتوافق مع الدستور الجديد. وفي ذكرى احتفائه باليوم العالمي للمرأة، نظم منتدى الزهراء بتعاون مع كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية بأكدال، بحرم الكلية يوم الخميس 27 مارس 2014، لقاء دراسيا حول موضوع "من أجل قوانين تحمي المرأة من العنف والاستغلال".
في مداخلتها بالجلسة الافتتاحية، أكدت السيدة سمية بنخلدون الوزيرة المنتدبة لدى وزير التعليم العالي والبحث العلمي وتكوين الأطر على دور المجتمع المدني الأساسي والضروري لحماية حقوق المرأة، بمنطق القرب والإنصات والترافع إضافة إلى كونه قوة اقتراحية مهمة جدا، إلى جانب البرامج والمخططات الموجه من طرف الحكومة لفائدة المرأة. وذكرت السيدة الوزيرة بمختلف المكتسبات التي تحققت في مجال حماية الحقوق الأساسية للمرأة خلال السنوات الأخيرة، وما نص عليه البرنامج الحكومي في اتجاه اعتماد سياسة فعالة وطموحة للنهوض بوضع المرأة، وكذا أهم الخطوات التي تم إنجازها على المستويين التشريعي والاجتماعي. كما شددت على أن مقاربة الإطار القانوني لحماية المرأة من العنف والاستغلال لا يجب أن تنحصر فقط في إطار المنظور الحقوقي، مؤكدة في هذا الجانب على الحاجة كذلك إلى تعميق النظر في هذه القضية المجتمعية ضمن منظور علمي يتوسل بقواعد البحث والاستقراء والدراسة الميدانية والتحليل العلمي لمختلف جوانب هذه المسألة.
من جهته أشار السيد زبير العباسي، مستشار وزير العدل والحريات إلى أن الوزارة تعمل على تعزيز القوانين الكفيلة بحماية المرأة من العنف، مؤكدا على أن القوانين وحدها مهما كانت رادعة لا يمكنها أن تحد من العنف، بل يجب بالموازاة مع هذه القوانين تنظيم حملات تحسيسية لتوعية المجتمع بحقوق المرأة، واعتماد مقاربة تشاركية موسعة، بما يسهم في مناهضة كافة أشكال العنف ضد المرأة، لترسيخ قيم التسامح ونبذ العنف.
وتطرق السيد المستشار إلى أبرز الإجراءات التي اتخذتها وزارة العدل والحريات، في اعتماد خطة إحداث خلايا مكونة من قضاة لمعالجة قضايا المرأة، وتعيين مساعدات اجتماعيات لدى كافة المحاكم، وتهيئ فضاءات خاصة لاستقبالهن وتكوين وتأهيل القضاة لرفع مستوى التدخّل القضائي، وخلق لجان محلية وجهوية لتعزيز التنسيق بين المؤسسة القضائية وكافة المتدخلين.
فيما أشارت السيدة فاطمة الزهراء بابا أحمد مستشارة وزيرة التضامن والمرأة والأسرة والتنمية الاجتماعية، إلى مساعي الوزارة في اتجاه دعم تعزيز حماية المرأة من العنف والاستغلال، حيث اعتمدت من خلال الخطة الحكومية للمساواة "إكرام" مجموعة من الإجراءات والمبادرات التي انخرطت فيها مختلف القطاعات الحكومية، خاصة المتعلقة بمكافحة كل أشكال التمييز والعنف ضد النساء ومجال تكافئ الفرص بين الجنسين.
كما أكدت على أن تعزيز المقاربة التشاركية بين مختلف الفاعلين وتقوية الإطار المعرفي والرصدي لظاهرة العنف، وتأطير الوعي المجتمعي والعقليات المؤثرة في المنظومة الثقافية، شرطا ضروريا لتفعيل مبدأ الحماية القانونية سواء بالفضاء العام أو الخاص.
من جانبها قالت السيدة سعدى ماء العينين، ممثلة منظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة، إن مؤشرات الاستغلال والعنف ضد النساء، وفقا للدراسات التي أجرتها المؤسسات المعنية بقضايا المرأة، ما تزال مرتفعة ومستمرة، وهو ما يستدعي استشعار الخطر، وضرورة العمل لمواجهة هذه الظاهرة. وفي هذا الإطار وضمانا لحقوق المرأة ركزت المنظمة على الحق في التعليم ومحاربة الجهل وتشجيع الاستراتيجيات الوطنية لمحو الأمية، وتوفير التعليم للمرأة في جميع المدن والقرى، وتشجيع البحث العلمي في المجالات ذات الصلة بالصحة.
وأشارت المتحدثة على أن الإيسيسكو جعلت برامج حقوق المرأة تحظى بالأولوية في خطة عمل المؤسسة للفترة ما بين 2013 – 2015.
وتحدّثت السيدة عزيزة البقالي رئيسة منتدى الزهراء في مداخلتها عن دور المجتمع المدني في النهوض بحقوق المرأة، قائلة إن المجتمع المدني يحتاج إلى دعم كبير لتحقيق هذا الهدف، مشيرة إلى أنه لا يمكن أن يتحقق أي تقدم بدون أن تكون للمرأة وضعية كريمة في المجتمع.
وأشارت البقالي، أنه بالرغم من الجهود المبذولة والمكتسبات التي تحققت لفائدة المرأة المغربية اليوم في كافة المجالات وإقرار تمتعها بجملة من الحقوق والحريات من خلال مراجعة العديد من القوانين والتشريعات، لا زلنا نلاحظ تزايدا مقلقا لظواهر العنف الممارس على النساء عموما واستفحال مظاهر الاستغلال الاقتصادي والجنسي الذي يطالهن.
وقد عرفت الجلسة النقاشية مداخلة للأستاذة بثينة قروري، باحثة في قضايا المرأة والأسرة، حول قراءة في واقع حماية المرأة المغربية بين المكتسبات والتحديات، فيما تناولت الأستاذة نجاة الكص، محامية بهيأة الدار البيضاء، في مداخلتها على المرأة وواقع الاستغلال الاقتصادي وأية مقاربة لتطوير الترسانة القانونية في مجال الحماية. وتقدمت الأستاذة السعدية مجيدي، أستاذة جامعية بكلية الحقوق القاضي عياض، بموضوع المرأة والفتاة وواقع الاستغلال الجنسي والتدابير القانونية من أجل حمايتها، فيما تطرق الأستاذ محمد الزردة، رئيس قسم القضاء الأسري بطنجة، في مداخلته لموضوع المرأة والعنف في الفضاء العام والخاص وأية مقاربة قانونية ناجعة من أجل الحماية وضمان الكرامة.
وأسفر اللقاء عن مجموعة من التوصيات كان أهمها تناول هذا الموضوع بمقاربة شمولية، وإشراك جميع الفاعلين سواء من القطاع الحكومي أو المجتمع المدني بجميع رفقائه من أجل رصد جميع الإشكالات وتقديم بدائل نابعة من المجتمع المدني.