وقد وقف الأستاذ عبد العزيز القراقي أستاذ العلوم السياسية بجامعة محمد الخامس السويسي على أهمية التقارير الموازية التي تلعب دورا رقابيا، وتساهم في رصد الاحتياجات والاختلالات، مشيرا إلى المبادئ الأساسية التي يجب مراعاتها من طرف كافة الدول الأطراف في الاتفاقيات، والتي تهدف إلى تعزيز قدرة الدول على الوفاء بالتزاماتها بتقديم التقارير في حينها وبأسلوب فعال، وإلى تحسين فعالية نظام رصد المعاهدات.
وأشار الأستاذ إلى أن عملية إعداد التقارير الدورية من طرف الدولة، تعتبر فرصة لها من أجل إجراء استعراض شامل للتدابير التي اتخذتها لتنسيق قوانينها وسياساتها الوطنية مع الأحكام ذات الصلة من المعاهدات الدولية لحقوق الإنسان التي هي طرف فيها، ورصد التقدم المحرز في تعزيز التمتع بحقوق الإنسان، مع تحديد المشاكل وأوجه القصور، وبالتالي التخطيط لسياسات مناسبة بغية تحقيق هذه الأهداف.
كما تطرق الأستاذ القراقي إلى الأجزاء التي يجب توفرها في التقرير الموازي، بداية بالتعريف بالمنظمة أو الجمعية المقدمة للتقرير، والسياق العام المرتبط بهذه الاتفاقية، والمنهجية المعتمدة في إنجاز التقرير، وصولا إلى تحليل التشريعات والإجراءات المقابلة لكل بند من بنود الاتفاقية والذي يجب أن يتسم بالموضوعية أي التوازن، وختاما بالتوصيات مرتبة على شكل أولويات مع اقتراح إجراءات يمكن القيام بها وتحديد جدولة وفق المرجعية الأساسية.
واختتم اليوم الأول من الدورة بورشة تطبيقية حاول فيها المستفيدون صياغة تقرير موازي لاتفاقية العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية.
وقد عرف اليوم الثاني من الدورة عرض للأستاذة جميلة مصلي حول أهمية مثل هذه الدورات التي تساهم في زيادة الوعي القانوني لدى الجمعيات مشيرة إلى ضرورة امتلاك الآليات الأممية، باعتبار الفاعلات الجمعويات أصبحن ذوات رأي، متحدثة على أهم الاتفاقيات والبروتوكولات الدولية.
وأكد الأستاذ محمد غربي في مداخلته حول "مبادئ القانون الدولي الإنساني وآليات تفعيله" على أنه رغم تعدد تعريفات القانون الدولي الإنساني، إلا أنها تجمع على حقيقة واحدة مفادها أن الهدف من هذا القانون هو حماية الأشخاص الذين يعانون من ويلات الحرب، موضحا أن مختلف الشعوب كانت مساهمة من قريب أو بعيد في نشأة هذا القانون، لحاجتها الملحة على مر الزمان لتحقيق السلام.
وأشار الأستاذ غربي إلى أن القانون الدولي الإنساني يتكون من معاهدات لاهاي التي تهدف إلى وضع قيود على سير العمليات العسكرية وسلوك المتحاربين، ومعاهدات جنيف التي جاءت لحماية ضحايا النزاعات المسلحة من جرحى ومرضى وحماية الممتلكات والأعيان المدنية، حيث شكلت هذه الاتفاقيات منظومة قانونية مترابطة العناصر، غايتها الحد من آثار الحروب وإقرار شكل من أشكال التوازن بين "الضرورية الحربية" و"الاعتبارات الإنسانية"، مركزا على تطور هذا القانون، حيث تميزت حقبة الفتوحات في العصر الإسلامي بإرساء قواعد ومبادئ الحرب وأعرافها المستمدة من القرآن الكريم والسنة النبوية، كحماية النساء والشيوخ وحسن معاملة الأسرى، بينما سادت في أوروبا القديمة مبادئ الفروسية والتي حكمت المؤسسة العسكرية، فيما جاءت العصور الوسطى لتؤسس نظرية "الحرب العادلة" ونظرية "مبادئ قانون الطبيعي" التي فرقت بين المقاتلين وغير المقاتلين.
وأكد الأستاذ على أن الهوة مازالت متسعة بين أحكام القانون الدولي وواقع النزاعات المعاصرة مما يشكل صعوبة في تنفيذه.
واختتمت الدورة بصور جماعية وتسليم شواهد للمستفيدين.