أضف المقال إلى :
yahoo Facebook yahoo Twitter Myspace delicious Live Google

أضيف في 7 دجنبر 2015 الساعة 16:33


نحو تحقيق المساواة باعتماد مقاربة النوع الاجتماعي


تقتضي المساواة بين الجنسين التعامل مع الرجال و النساء بصفة متساوية، باعتبار ذلك هدفا لخلق التكافؤ بين الجنسين، وتمتعهم بكافة الحقوق والامتيازات في جميع مجالات الحياة، وذلك من أجل مشاركة فاعلة في التنمية وبناء المجتمع بشكل متوازن، وإنهاء كافة أشكال التمييز ضد المرأة، النابعة من الاعتقاد أن الاختلاف البيولوجي بين الجنسين هو من يصف الأدوار المفروضة اجتماعيا.

هذا الاعتقاد الذي ساد منذ زمن، يعتبر أن التمايزات الاجتماعية والأدوار المختلفة للنساء والرجال هي اختلافات طبيعية لا تتغير، وأنها محددة بالاختلافات البيولوجية، ومن تم التمييز على أساس الجنس (ذكر/أنثى)، تمييزا جاء نتاجا لعوائد  اجتماعية، وموروثات ثقافية صيغت ومورست باقتناع وفق فكر نمطي حتى أصبحت من المسلمات الغير مسموح بمراجعتها. مما أفضى إلى الانتقاص من حقوق المرأة الأساسية بما فيها السياسية والاقتصادية والاجتماعية. وحتى إن خولها القانون ذلك، يبقى تمتعها بحقوقها رهين بما تمليه عليها قوانين المجتمع، هذا الأخير الذي يعاني أزمة في الخطاب الاجتماعي.

وهذا ما دعا الأبحاث والدراسات إلى إقامة الفصل المميز بين الجنس البيولوجي والنوع الاجتماعي الذي يقابله بالإنجليزية gender وبالفرنسية genre، كمفهوم جديد يشير إلى الخاصية الثقافية والاجتماعية، التي تتميز بها الفروق القائمة على الجنس. ويتبنى مقاربة جديدة لقضايا التنمية، والقضاء على التمييز السلبي تجاه كل فئات المجتمع لاسيما المرأة. 

ويعتبر إشكال الجنس والنوع الاجتماعي من أهم ما أثير الجدل حوله، على أساس أن تحديد أدوار الجنسين يفرز مشكلة اجتماعية، وأن الاختلافات في الأوضاع لا تعود إلى الاختلاف البيولوجي، بل إلى الاختلاف في الرؤى والمفاهيم والمعتقدات و في الثقافة أيضا.

وعليه يمكن القول أن مفهوم النوع يختلف عن مفهوم الجنس. فهذا الأخير، يشير إلى الاختلافات البيولوجية البحتة بين الذكر والأنثى، في حين يشير مفهوم النوع إلى  التكوين الثقافي  والاجتماعي الذي يجعل من الذكور رجالاً والإناث نساء، ولكل منهما أدوار ووظائف محددة.

وهكذا الواقع، فالأدوار التي يقوم بها كل من الجنسين هي أدوار تنتجها الظروف الاجتماعية، وليس الاختلاف البيولوجي، في شكل أحكام سلبية ومعتقدات تقلل من شأن  المرأة. وهي بمثابة أفكار وصور نمطية نمت على يد التنشئة الأسرية وكرستها المدرسة والإعلام والمجتمع ككل، فأطرت العلاقات بين الجنسين وحصرت المرأة في أدوار تقليدية ومفاهيم تحيل على أن العلاقة بينهما تدخل ضمن ثنائيات القوة والضعف، القوامة والطاعة...وهذا يقلل من وضع المرأة وقدراتها، ويصنفها في مرتبة أدنى ضمن إطار التقييم في مجالات العمل ومراكز اتخاذ القرار.. .

 بالمقابل فإنه بإمكاننا الجزم على أنه إذا كانت تربية الأطفال، وأعباء العمل المنزلي مرتبطة تقليدياً بالمرأة، فإن هذه الأدوار يمكن أن يقوم بها الرجل أيضاً.  وعليه، فإن أدوار النوع الاجتماعي تختلف عن أدوار الجنس البيولوجي، فالأولى من الممكن أن تكون متبادلة بين الجنسين، في حين أن الثانية تتسم بالثبات. وهذه الأدوار هي تلك التي يحددها المجتمع والثقافة لكل من النساء والرجال، على أساس قيم وضوابط وتصورات المجتمع لطبيعة كل من الرجل والمرأة.

من خلال ما تقدم يمكننا تثبيت ثلاث نقاط مهمة:

-  أن التخلق الجنسي يتم على مستوى الصبغيات والخلايا الجنسية، وكذلك والأفراد، وبالتالي فإن الجنس يعني تواجد مجموع المميزات الجنسية الأولية والثانوية  والوظائف.

- أما النوع، فلا نعني به الأنثى، ولكننا نعني به المرأة مقابل الرجل وبالتحديد العلاقة بينهما.

- ثم إن النوع لا يولد به إنسان بل يتكون اجتماعياً وبالتالي فهو قابل للتغيير، أما الجنس فيولد به الإنسان بيولوجياً وبالتالي فإنه غير قابل للتغيير.

لذلك وباعتماد مقاربة النوع، تستطيع المرأة أن تشارك في التنمية وأن تثبت دورها الايجابي إلى جانب الرجل في صياغة مستقبل بلدها، وألا تبقى كما وصفها الكاتب التونسي الطاهر الحداد في كتابه السابق لزمانه سنة 1930 "بكنز عائلي يكسوه الغبار".

و لعل ابن رشد أيضا قد مدنا بأسباب ضرورة تأصيل النوع الاجتماعي في مجتمعنا الحالي،  فهو عندما قرأ زمانه (القرن 12م) فكأنه قرأ أيضا زماننا ولامسه، حينما دعا إلى عدم حصر النساء في أدوار تقليدية، حيث يقمن بإعادة الإنتاج من خلال الإنجاب  والرضاعة والعناية بالأطفال وخدمة البيت.. مما يجعلهن عالة على الرجال ويجعل المدن فقيرة. وعليه فإن إمكانية تغيير الأوضاع بالنسبة لابن رشد تكمن في الارتقاء بالمرأة من مستوى الطبيعة إلى مستوى الثقافة، وذلك بامتطاء قطار التعليم، الذي يوصلها لا محالة إلى مستوى محاكاة الرجل في جميع الميادين. إذن ففكر ابن رشد لامس إلى حد كبير مقاربة النوع بما أنه يتناول أدوار المرأة كجنس وأدوارها القابلة للتغيير كنوع.

بيد أنه وبالمقابل، وعند تبني سياسة النوع الاجتماعي، فذلك لا يعني تنكر الفروق البيولوجية الفطرية،   والسعي للتماثل الكامل بين الذكر والأنثى.لأن النوع الاجتماعي هو مفهوم يهدف لتحقيق العدالة النوعية، وتغيير واقع التمييز السلبي واللامساواة المبنية على أساس الهوية الجنسية (ذكر/أنثى)، ومطلب أساسي لإعادة تصحيح العلاقات الاجتماعية.

                                                                                                                                 سناء المتدين

                                                                                                                               طالبة باحثة في سلك الدكتوراه،

                                                                                                                حاصلة على ماستر متخصص في النوع الاجتماعي وحقوق المرأة

المراجع المعتمدة:

  1. مصطلحات ومفاهيم النوع الاجتماعي، المبادرة الفلسطينية لتعميق الحوار العالمي والديمقراطية "مفتاح" فلسطين 2006.
  2. مقاربة النوع الاجتماعي، د العربي الوافي، المعرفة للجميع سلسلة شهرية،منشورات رمسيس، طبعة 2008.
  3. مصطفى حجازي، التخلف الاجتماعي، مدخل إلى سيكولوجية الإنسان المقهور، المركز الثقافي العربي، الطبعة التاسعة 2005.
  4. حسن أمغو، صورة المرأة في المخيال الاجتماعي، مجلة فكر ونقد (مجلة ثقافية شهرية)،عدد 102، يونيو 2009.






 هام جداً قبل أن تكتبو تعليقاتكم

ضغط هنـا للكتابة بالعربية

 

أضف تعليقك على الخبر
* كاتب التعليق
* عنوان التعليق
  * الدولة
* التعليق



صياغة ورفع التوصيات الصادرة عن ندوة

الوقفة النسائية لنصرة المرأة الفلسطينية

الإرشاد الأسري بين التشريع و التطبيق

جمعية أم البنين تحصل على الجائزة الأولى في الإرشاد الأسري

الزهراء يعقد مجلس شبكته الثالث ويشيد بحصيلة جمعياته

عاملات في ضيعات فلاحية .. نسيتهن البرامج الحكومية..ويتعرضن للاستغلال الجنسي

على هامش دورة جنيف : بثينة قروري تؤكد بُعد المغرب عن البرامج الأممية

مليكة البوعناني تدعو الى لتسريع تفعيل الفصل 32 من الدستور

مئات المتظاهرين يتصدون لأفراد سفينة الإجهاض الهولاندية بميناء مارينا سمير بتطوان

نتائج دراسة ميدانية لظاهرة الاستغلال الجنسي للقاصرات بالمغرب

العدد الثالث من سلسلة وثائق ومذكرات مرجعية

بيان منتدى الزهراء بمناسبة اليوم العالمي للمرأة

السبيل إلى المناصفة

منتدى زهراء عضو في المرصد الوطني لصورة المرأة في الإعلام

نحو تحقيق المساواة باعتماد مقاربة النوع الاجتماعي

بيان منتدى الزهراء حول مشروع الاستنتاجات المتفق عليها للدورة 60 للجنة وضع المرأة المنعقدة بنيويورك

مشاركة منتدى الزهراء في ندوة ''المرأة والمناخ'' ضمن فعاليات المؤثمر المتوسطي حول المناخ MEDCOP CLIMAT بطنجة

بيان منتدى الزهراء بمناسبة اليوم الوطني للمرأة

ناشطات حقوقيات يرصدن واقع المساواة بين الجنسين في المغرب