جمعية إنصاف تبرز دور الوساطة الأسرية في حل النزاعات

نظمت جمعية إنصاف للمرأة والطفل والأسرة بتيزنيت، السبت 02 يناير 2016، بدار الشباب المقاومة تيزنيت ندوتها السنوية والتي تمحورت حول موضوع “دور الوساطة الأسرية حل النزاعات".

والندوة التي عرفت حضور ومشاركة عدد من المهتمين من عدة قطاعات وتخصصات، تناول فيها أساتذة محاضرون مفهوم الوساطة الأسرية وآلياتها وأهدافها وجذورها الشرعية والاجتماعية. كما وركزت أغلب المداخلات على نجاعة ودور الوساطة الأسرية الكبير في إنهاء النزاعات الأسرية التي تتهدد كيانها بالتفكك، وكذا الآثار الإيجابية لها على النجاعة القضائية حيث تخفف على القضاء ثقل وتراكم الملفات.

وحسب أرضية الندوة فالندوة هدفت إلى تسليط الضوء على كيفيات تفعيل هذه الآلية  في التصدي للنزاعات، وسُبل توسيع دائرة الوساطة الأسرية لتصبح وساطة مجتمعية، بما يُشرك مختلف القطاعات والمؤسسات لتحقيق وساطة ناجحة تعتمد آليات مجتمعية تطور من تقنياتها، ناهيك عن أهمية التأطير القانوني والتشريعي لمؤسسات الوساطة المجتمعية.

وفي مضامين المداخلات العلمية، تطرق الأستاذ أحمد السَّاخِي القاضي بالمحكمة الابتدائية بتيزنيت والطالب بسلك الدكتورة، في مداخلته لرهانات الوساطة الأسرية في القضاء المغربي وآليات تطويره، حيث وقف على تحديد ماهية الوساطة وخصائصها وتمييزها عن المؤسسات المشابهة لها، وخاصة مؤسستي الصلح والتحكيم. ثم استعرض في مداخلته بعض التجارب الدولية في هذا الباب وخاصة التجربة الفرنسية والأمريكية وتجربة ولاية كبيك. وأكد الأستاذ الساخي على أنه أصبح مطلوبا الاطلاع على آليات ومنهجية مأسسة الوساطة الأسرية في التجارب الدولية هذا وتحدث عن أطراف الوساطة ليخلص في الأخير إلى طرح سؤال أساسي وجوهري حول ما إذا كان من الممكن تطبيق مؤسسة الوساطة في النزاعات الأسرية ؟.

أما الأستاذ الدكتور البشير عدي، أستاذ بكلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية بجامعة ابن زهر بأكادير، ومنتدب قضائي إقليمي سابق بابتدائية تيزنيت، فقد تناول بالتشريح  تجارب دولية مقارنة في الوساطة الأسرية، من خلال إلقائه الضوء على تجارب غربية ( كندا ، فرنسا ، أمريكا ..) وأخرى لدول عربية ( دبي، الإمارات العربية المتحدة، مصر، فلسطين ،الأردن ، الكويت ..) وهي تجارب قال عنها البشير عدي أنها أبانت على نجاعة هذه المؤسسة وأعطت ثمارها في بعض البلدان، وضرب لذلك مثالا بمحاكم دبي التي وصلت فيها نسبة تسوية النزاعات الأسرية فيها بألية ومؤسسة الوساطة الأسرية 64%، وبعض المحاكم بالعربية السعودية التي وصلت فيها نسبة التسوية 80%، فيما سجل الأستاذ أن قضايا الصلح بالمغرب لا تتجاوز في أحسن الأحوال نسبة 20% من الملفات المعروضة على القضاء .

وفي موضوع دور المساعد الاجتماعي في الوساطة الأسرية لحل النزاعات، بين الواقع والإكراهات، تحدث الأستاذ محمد العبدلاوي المساعد الاجتماعي بالمحكمة الابتدائية بتيزنيت، عن الأجهزة المرصودة للصلح كمؤسسة الحَكَمَيْن، محاكم قضاء الأسرة، مجلس العائلة، مؤسسة المساعدة الاجتماعية. وتطرق الأستاذ في معرض حديثه للهدف من هذه المساعدة الاجتماعية، وقال أنها جاءت تَبَعًا في المؤسسات المرصودة للصلح ولم تأتي أَصَالَةً فيها. الأستاذ محمد العبدلاوي في مداخلته الإحاطة ببعض قواعد الصلح بواسطة المساعد الاجتماعي القضائي ( الآليات، الوسائل …). 

وفي المجال الشرعي جاءت مداخلة الأستاذ مراد تَرضَا خطيب مسجد السنة بتيزنيت وأستاذ العلوم الشرعية بثانوية الحسن الثاني، ليلقي الضوء على الوساطة الأسرية في التشريع القرآني ، حيث بين الأستاذ قِدم مؤسسة الوساطة الأسرية وتجذرها في الثقافة والمجتمع الإسلامي بل وقبله، كما سرد للتدليل على ذلك حقبة من الزمن الإسلامي وكيف ثم تفعيل الوساطة الأسرية عبرها مؤكِّدا أن الرسول صلى الله عليه وسلم كان أول الوسطاء الأسريين في عهده، حيث كان يحل النزاعات بين الأزواج من صحابة وصحابيات وسلك نفس هذا المنهج خلفاؤه الراشدون من بعده والتابعون رضوان الله عليهم، لا سيما الأئمة الأربعة الذين قال الأستاذ أنهم وظفوا آلية الوساطة في الحيلولة دون انفراط عقد الأسرة المسلمة، وكانوا يلجؤون إليها كثيرا قبل التقاضي، مما جعل حالات الطلاق في أوقاتهم تعد على أطراف الأصابع.

إلى ذلك، وفي كلمتها الختامية للندوة وفي تصريحات مماثلة للصحافة كشفت عزيزة إيدلحسن ـ نائبة رئيسة الجمعية ـ أن الأهمية الملموسة للموضوع واندماجيته في استراتيجية عمل الجمعية في تدخلاتها وعمل مركز الاستماع والإرشاد الأسري الذي تديره وتشرف على عمله، فقد تنظم الجمعية يوما دراسيا في مستقبل الأيام لمزيد من الدراسة والتفكيك لمؤسسة الوساطة الأسرية في أفق الاسترشاد بخلاصاتها في عملها، كما ستكون الجمعية بذلك متفاعلة مستثمرة لمُخرجات "المؤتمر الدولي حول الوساطة  الأسرية ودورها في الاستقرار الأسري" والذي نظمته وزارة التضامن والمرأة والأسرة والتنمية الاجتماعية بشراكة مع المنتدى المغربي للأسرة والطفل على مدى يومي 7 و8 دجنبر 2015 بمدينة الصخيرات.