إيمانا من منتدى الزهراء للمرأة المغربية بضرورة تنسيق جهود المنظمات العاملة في مجال الأسرة وتطوير أدائها في خدمة قضايا المرأة والأسرة، ورغبة منه في تحقيق نقلة نوعية في هذا المجال بالعمل على ابتكار مفاهيم ذات طبيعة منهجية وعملية من شأنها الانتقال بمفهوم مركزية الأسرة في المجتمع من الخطاب العام إلى مقاربة مؤسساتية يسترشد بها صناع القرار، فقد حرص المنتدى في برنامجه لسنة 2015-2016، على إطلاق ورش إنتاج وتطوير "المقاربة حسب الأسرة".
وتأتي هذه الورشة التي نظمها منتدى الزهراء اليوم الخميس 9 فبراير 2017 بكلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية بأكدال حول موضوع "مقاربة الأسرة والسياسات العمومية" بمشاركة ثلة من الخبراء والمختصين، كمحطة أولية في هذا العمل الهام.

وافتتحت أشغال الجلسة الأولى والتي خصصت للاطار المفاهيمي من خلال المرجعية الاسلامية والمنظومة الاممية، بكلمة لرئيسة منتدى الزهراء الأستاذة عزيزة البقالي القاسمي أبرزت فيها جهود المنتدى في النضال من أجل حقوق الاسرة والنهوض بها، كما أكدت على أهمية هذه الورشة الدراسية باعتبارها من جهة حلقة اولى في مسار اعداد وبلورة المنتدى ل"المقاربة حسب الاسرة" كأداة منهجية لإدماج بعد الاسرة في السياسات العمومية قصد التمكين لهذه المؤسسة الحيوية وحماية حقوقها، ومن جهة أخرى فإن مخرجات هذه الورشة ستمكن المنتدى وجمعيات الشبكة من تطوير مقترحاتها بخصوص قانون المالية 2017 في علاقته بوضعية المرأة والأسرة.
من جهتها أكدت الأستاذة سمية بنخلدون في مداخلتها على الأهمية المركزية التي تحظى بها الأسرة في الاسلام، كما توقفت على أهم القيم التي تبنى بها الاسرة وتنبني عليها إضافة إلى الأدوار والوظائف الأساسية التي تضطلع بها إن على المستوى الاجتماعي والتربوي أو على المستوى الاقتصادي والسياسي، وقد شددت في هذا السياق على ضرورة ان تحظى هذه المؤسسة الاستراتيجية بالعناية اللازمة في إطار سياسات عمومية واضحة المعالم وميزانية مناسبة يتأتى من خلالها تمكين الاسرة من القيام بوظائفها الأساسية والضرورية لتنمية المجتمع.

من جانبها تطرقت الأستاذة بثينة قروري في مداخلتها حول الأسرة في المنظومة الدولية، إلى أن أهم ملاحظة يمكن استخلاصها من خلال استقراء المنظومة الأممية في مجال الأسرة هي التأكيد على أهمية ومحورية الأسرة في المجتمع وضرورة دعم الدولة والمجتمع للأسرة سواء في الاتفاقيات الأساسية لحقوق الإنسان، من قبيل العهدين الدوليين، اتفاقية حقوق الطفل.. أو من خلال البرامج الأممية، كما أشارت الأستاذة أن هناك قرارات تحث الدول على العمل على إعداد سياسات وبرامج وقوانين تهدف إلى دعم الأسرة وتقويتها، وإنجاز دراسات لتقييم آثار هذه السياسات.
استهلت الجلسة الثانية التي خصصت لتقييم السياسات العمومية ذات الصلة وبلورة اقتراحات بشأن قانون المالية 2017، بمداخلة للأستاذ مصطفى يحياوي أستاذ الجغرافيا بكلية الآداب وخبير في تحليل السياسات العمومية في مجموعة من الهيئات الدولية، في موضوع مقاربة تشخيصية للأسرة والسياسات العمومية، والتي ركز فيها على تقييم عام للأثر الاجتماعي للسياسات العمومية على تحسين وضعية المرأة بالمغرب على ضوء دراسة ميدانية تم إنجازها سنة 2013 حول التمثل الاجتماعي للإصلاحات القانونية التي طرأت على مدونة الأحوال الشخصية (2004) وقانون الجنسية (2007) ودستور 2011.
وختم الأستاذ مداخلته بعرض أهم النتائج المحصل عليها فيما يخص موقع المرأة داخل الأسرة، القيادة النسائية للتغيير ومشاركة المرأة في الحياة العامة، والعنف ضد النساء في الفضاءات العامة.

وفي نفس المحور وفي مداخلة تحت عنوان "من أجل حضور وازن للأسرة في قانون المالية 2017" ركز الأستاذ عبد الناصر الناجي مستشار سابق لوزير التعليم وعضو المجلس الأعلى للتعليم على أهمية الأسرة في المجتمع مستحضرا بعض التجارب الدولية المتميزة في مجال النهوض بالأسرة من قبيل إدراج دولة قطر للتدابير المتعلقة بالأسرة ضمن الرؤية الوطنية لدولة قطر لعام 2030 والتي تشمل توسيع شبكة الأمان الاجتماعي الموجه نحو الأسرة، وكذا تعزيز الإمارات لقدرات الأسر من خلال برامج التربية الوالدية والنهوض بحقوق الطفل وذلك ضمن رؤية الإمارات العربية المتحدة لعام 2021.

وفي معرض حديثه عن المغرب أشار الأستاذ إلى أن كل ما يتعلق بالأسرة يدخل مبدئيا ضمن اختصاصات وزارة التضامن والتي تعتمد استراتيجية تنبني على 4 محاور: الدعم المؤسساتي للقطب الاجتماعي وتقويته، تأطير العمل الاجتماعي ومواكبته وهيكلته، النهوض بالعمل التكافلي والتضامن، وأخيرا العمل على تحقيق الإنصاف والمساواة والعدالة الاجتماعية، وفي نفس الاطار أشار إلى التدابير والميزانيات التي رصدتها الحكومة لصالح الأسرة في ميزانية 2017 فيما يخص الأسرة.
وفي ختام مداخلته تقدم الأستاذ بمجموعة من الاقتراحات التي من شانها تطوير قانون المالية 2017 في علاقته بالتمكين للأسرة.