منتدى الزهراء للمرأة المغربية يعقد اللقاء الحواري التفاعلي الأول حول نتائج الدراسة القانونية والسيوسيولوجيا في موضوع تزويج القاصرات

 

تماشيا مع توجهاته واستراتيجيته الترافعية من أجل تحسين وضعية المرأة والأسرة ووعيا منه بمسؤوليته في المساهمة في تعزيز حماية الأسرة المغربية والنهوض بحقوقها التي ما فتئ يناضل من أجلها، نظم منتدى الزهراء للمرأة المغربية يوم السبت 29 فبراير2020بالمعهد الوطني للتهيئة والتعمير بالرباط  لقاء جهويا حول نتائج الدراسة القانونية والسيوسيولوجيا في موضوع تزويج القاصرات ،كخطوة جسد من خلالها المنتدى انفتاح المجتمع المدني على البحث العلمي ، بغية بلورة تصور مبني على أسس علمية واضحة في موضوع عرف نقاشا مجتمعيا مهما نظرا للثغرات القانونية المرتبطة بهذه الظاهرة رغم الجهود المبذولة على الصعيد المؤسساتي والتشريعي والسياسي والبرامج القطاعية لمواجهة آثار الزواج المُبكر.

ويأتي هذا اللقاء كثمرة شراكة بين منتدى الزهراء للمرأة المغربية ووزارة الدولة المكلفة بحقوق الانسان والعلاقات مع البرلمان في إطار مشروع "حقوق القاصرات، مسؤولية جماعية " الذي تضمن إنجاز دراسة قانونية تهدف إلى تحليل المقررات القضائية الصادرة في الموضوع سواء بالقبول أو بالرفض، والعمل على استقصاء الحيثيات المعتمدة من طرف قضاة الأسرة. بالإضافة إلى القيام ببحث سوسيولوجي لعينة نموذجية من النساء اللواتي تزوجن دون سن الأهلية بكل من جهتي "الرباط-سلا-القنيطرة" و "بني ملال-خنيفرة "لاستقراء الأسباب السوسيولوجية المؤدية إلى انتشار هذا النوع من الزواج والأثار المترتبة عنه.

وافتتحت أشغال هذا اللقاء التفاعلي بكلمة افتتاحية للسيدة بثينة القروري، رئيسة الجلسة، والتي عبرت عن أهمية هذا اللقاء الأولي لكونه يسلط الضوء على موضوع ذو طبيعة وحساسية مجتمعية، عرف نقاش مهم مند اعتماد مدونة الأسرة سنة 2004 مؤكدة أن هذه الدراسة مهمة ولبنة أساسية لفتح نقاش عمومي حول موضوع تزويج القاصرات في غياب دراسات موضوعية وعلمية حقيقية.

   تلتها كلمة ممثل وزارة الدولة المكلفة بحقوق الانسان والعلاقات مع البرلمان الذي نوه بهذه الشراكة معتبرا أن موضوع زواج القاصرات في المغرب من المواضيع ذات راهنية والتي أثيرت بشأنها نقاشات وحوارات مجتمعية عديدة من طرف الفاعلين المؤسساتيين والمجتمعيين على السواء مما يجعله كواحد من المواضيع الحقوقية التي تتطلب نقاشا مجتمعيا واسعا مؤكدا أن مدارسة هذه القضايا ومناقشتها هي في الجوهر مناقشة مستقبل وطننا مما يستدعي تبني مقاربة شمولية بمداخيل متعددة للتصدي للتجاوزات المواكبة لهذه الظاهرة والسعي إلى رفع سقف الوعي المجتمعي حولها.

وفي كلمتها الافتتاحية أكدت السيدة عزيزة البقالي، رئيسة المنتدى، بعدما رحبت بالحضور وأشادت بالضيوف أن موضوع تزويج القاصرات هو موضوع حيوي يأتي في سياق العديد من النقاشات المفتوحة في بلادنا والتي تندرج في إطار ملائمة النصوص القانونية مع دستور 2011 ومع مختلف الاتفاقيات التي ينخرط فيها المغرب.

كما أكدت السيدة الرئيسة أن هذه الدراسة -موضوع اللقاء-هي تتويج لجهود مستمرة راكم فيه المنتدى تجربة مهمة في إطار مساره النضالي حول قضايا المرأة والأسرة لاسيما مع دسترتها وتقرير مسؤولية الدولة عن الحماية الحقوقية والاجتماعية والاقتصادية لها. كما ركزت في كلمتها على الإنجازات الميدانية التي سهر عليها المنتدى كتأسيس جمعيات تشتغل على هذه الفئة إلى جانب مجموعة من الدراسات الميدانية، في إطار مواكبته لتنزيل وتطبيق مدونة الأسرة ولعل أبرزها قضية الاستغلال الجنسي للقاصرات حيث تم تسليط الضوء على أوجه القصور فيها إلى جانب دراسات موازية. معتبرة أن هذا اللقاء هو فرصة للاطلاع على النتائج العلمية لهذه الدراسة وخلاصاتها لبلورة الرأي من خلال أسس علمية واضحة في أفق استثمار الدراسة ومخرجاتها وتوصيات اللقاءات الحوارية حولها.

بعد هذه الجلسة الافتتاحية تم عرض الدراسة القانونية في موضوع تزويج القاصرات من قبل الباحث خالد حجازي حيث استهل عرضه بتقديم المنطلقات المنهجية للدراسة التي اعتمدت كمحاور أساسية الإطار التشريعي لزواج القاصرات بين القانون المغربي والقانون المقارن في ضوء المواثيق الدولية بالإضافة إلى تحليل المقررات والأحكام القضائية الخاصة بالإذن بزواج الفتيات القاصرات سواء بالرفض أو بالقبول إلى جانب الخلاصات والتوصيات التي أفضت إليها الدراسة.

بعد ذلك تم عرض الشق الثاني في الدراسة والمرتبط بالجانب السيوسيولوجي حيث قدم الباحث مصطفى بنزروالة إلى جانب المنطلقات المنهجية للدراسة أهم المؤشرات والنتائج العلمية المتواصل بها من خلال مجموعة من المحاور المؤطرة للظاهرة إلى جانب عرض التأثيرات المختلفة لزواج القاصرات.

وتخللت اللقاء مجموعة من المداخلات تمت وفق مقاربة تشاركية من خلال أرضية عمل تضم مختلف الفاعلين والمتدخلين بغية تجويد الدراسة وإغناء النقاش حول خلاصاتها من خلال تقديم قراءات متقاطعة حول نتائج الدراسة ،التي لامست جوانب رئيسية أولها الجانب القضائي والقانوني خاصة وأن جزء من الدراسة القانونية انصب حول الاجتهاد والعمل القضائي، أما الجانب الثاني فهم الجانب الحقوقي في قراءة حقوقية للمجلس الوطني لحقوق الانسان أما الجانب الثالث فيتعلق بقراءة سوسيولوجية للدراسة بغية الوقوف على المعطيات التكميلية للدراسة حيث قدم تلة من الأساتذة الذين راكموا تجربة في المجال مجموعة من الملاحظات والتوصيات .

 وبعد عرض شريط قصير يجسد وقع هذه الظاهرة على الفتيات القاصرات وتأثيراتها المختلفة، تم فتح المجال أمام تعقيبات اللجنة العلمية -التي قامت بمتابعة وتأطير الدراسة -حيث تفاعلت بشكل إيجابي مع مختلف الملاحظات مؤكدة أن هذه الملاحظات ستجد طريقها في الدراسة التي أشادت بها اللجنة كأرضية وخطوة أولية لفتح نقاش عمومي متعدد مبني على أسس علمية واضحة.

وبعد نقاش مستفيض لنتائج وخلاصات هذه الدراسة القانونية والسوسيولوجية تم الخروج بتوصيات تثمن وتزكي الخلاصات التي جاءت في الدراسة، حيث أجمع الحضور أن "حقوق القاصرات مسؤولية جماعية" وحمايتها رهين بإعمال مقاربة شمولية بمداخيل متعددة إلى جانب تبني مقاربة شمولية ينخرط فيها الجميع مع ضرورة السعي إلى مراجعة أحكام مدونة الأسرة في أفق تدارك الثغرات المرتبطة بها مع العمل على سن استراتيجية وطنية للتمكين للأسرة.