أضف المقال إلى :
yahoo Facebook yahoo Twitter Myspace delicious Live Google

أضيف في 18 يناير 2012 الساعة 56 : 13


الأسرة وموقعها من الإصلاحات المرتقبة بقلم/ د. جميلة المصلي


تحظى الأسرة بأهمية خاصة في البناء النفسي والاجتماعي للفرد وتشبعه بقيم المواطنة والمسؤولية مما يساهم في تحقيق تنمية مجتمعية حقيقية عمادها الإنسان، واعتبارا لذلك كله فإن من واجب الدولة والمجتمع، العمل على حماية الأسرة وضمان استقرارها وتماسكها.

وبالرغم من الأهمية التي تمثلها هذه المؤسسة في النسيج الاجتماعي الوطني، فإنها شبه غائبة في البرامج والسياسات الحكومية، مما يعرض الأسرة المغربية للعديد من الظواهر الاجتماعية والاقتصادية التي تهدد استقرارها وتماسكها، وأمام هذه التحولات الكبيرة فإن المجتمع المغربي مدعو إلى إعادة الاعتبار للخلية الأساس في المجتمع ولأدوارها التربوية والاجتماعية والثقافية والسياسية، مع ضرورة تبني الإصلاحات اللازمة التي من شأنها الرقي بهذه المؤسسة وحمايتها من كل مظاهر التفكك.

تعرضت الأسرة المغربية في العقود الأخيرة لاختلالات كبيرة مست في كثير من جوانبها وحدة الأسرة وقيم التضامن والتماسك العائلي، كما بدأت تتسرب إليها بعض مظاهر التهرب من المسؤولية، فارتفعت نسب الطلاق بمختلف أنواعه خاصة التطليق للشقاق، التي وصلت في السنوات الأخيرة إلى ما يقارب 40 ألف حالة، وتبعا لذلك برزت ظواهر اجتماعية جديدة أثرت على بنية الأسرة وأدوارها ومنها ارتفاع نسبة النساء المعيلات للأسر، من مطلقات ومهملات وأرامل، وأمام ارتفاع نسب التطليق بمختلف أنواعه والإهمال والترمل، ووضعية الهشاشة التي تعرفها العديد من الأسر المغربية وضعف قدرتها على مواجهة صعوبات الحياة، فإن المتضرر الأول هم الفئات الهشة من مسنين ونساء وأطفال معوزين الذين يحرمون من أبسط حقوقهم في السكن اللائق والصحة والتعليم في ظل التحديات الاقتصادية والاجتماعية وغياب الحماية الاجتماعية للأسر الهشة، هذا مع تأخر صدور النصوص التنظيمية المرتبطة بقانون صندوق التكافل العائلي الذي صدر في يناير سنة 20011 مما حال دون دخول هذا القانون حيز التنفيذ.

ووفقا للدراسة التي قدمتها وزارة تحديث القطاعات العامة في مارس الأخير، فإن أكثر من 38 في المائة من الموظفات في الإدارة العمومية والجماعات المحلية هن عازبات، هذا دون إدراج نسبة المطلقات والأرامل ولم تشر الدراسة إلى السن، وفي صفوف الرجال تصل نسبة عدم الزواج إلى 24 في المائة. وهذه أرقام مقلقة تهدد مؤسسة الأسرة في تأسيسها ونشأتها. وهذا الأمر له انعكاسات سلبية على الأفراد والمجتمع، لأن تعطيل الخلية الأساس داخل المجتمع، له تكلفة اجتماعية كبيرة، ومن شأنه إعاقة التنمية الشمولية والمندمجة التي تعيد الاعتبار للمواطن، لأن الفرد الذي ينشأ في أسرة مستقرة ومنسجمة تربى فيه قيم الإيجابية والمسؤولية واحترام الآخر، مما يؤهله للإسهام بشكل فاعل في تنمية المجتمع والنهوض به، وكلما حصل تفكك داخل الأسرة تتراجع القيم الإيجابية فاسحة المجال للتفكير السلبي مما ينعكس على الفرد الذي تصبح شخصيته مهزوزة ومتوترة. ومن هذا المنطلق ينبغي أن يصبح الحق في الأسرة حقا ضمن حقوق الإنسان العالمية التي يجب إقرارها والدفاع عنها.

وبناءا على ما سبق يتعين على الحكومات والمجتمعات بذل الجهود الكافية للنهوض بالأسرة بدءا من دسترة الأسرة وحمايتها عبر قوانين وآليات. إضافة إلى تعزيز موقع الأسرة في السياسات العمومية والبرامج الحكومية وضرورة المحافظة على استقرار الأسرة وتماسكها باعتبارها الخلية الأساس في المجتمع والمدرسة الأولى للأطفال وحامية العقائد والقيم.

ومن الآليات الكفيلة بالنهوض بالأسرة الآلية الدستورية : فبالنظر إلى الأهمية التي تكتسيها الأسرة فهي تستحق منا أن يتضمن الدستور الجديد تنصيصا واضحا على مؤسسة الأسرة وأهميتها وضرورة حمايتها، وبمقارنة مبسطة مع مجموعة من الدول العربية وغير العربية نجد حضور مؤسسة الأسرة في دساتير هذه الدول مثل الدستور السوري والتركي والتونسي وغيرها من دساتير العالم، كما يتعين التنصيص على دسترة المجلس الأعلى للأسرة لوضع توجهات السياسات الحكومية في هذا المجال وإثارة الانتباه إلى سن التشريعات والقوانين المتعلقة بالأسرة وحمايتها والتشجيع على الزواج وتقديم مساعدات للشباب من أجل تكوين الأسرة. ولتفعيل هذه الآلية لابد من ترجمتها على مستوى القوانين والتشريعات.

ومن الملاحظ أنه رغم صدور مدونة الأسرة والتي تعتبر مكتسبا قانونيا ومجتمعيا مهما، وحصيلة نقاش مجتمعي وطني ساهمت فيه مختلف الفعاليات والتوجهات، إلا أن فلسفة المدونة القائمة على مقاربة الأسرة لم تجد طريقها للأسف إلى كثير من السياسات الحكومية التي ظلت بعيدة عن إحداث سياسات عمومية أسرية مندمجة ومتكاملة في مستوى الأدوار الاجتماعية والتنموية المنوطة بالأسرة المغربية، وفي مستوى التحديات التي تواجه استقرارها وتماسكها.

والمطلوب هو سن تشريعات تضامنية تحقق مبدأ التكافل وكذا إقرار تشريعات إضافية حمائية للفئات الهشة وفي مقدمتها الأمهات المعوزات المهملات والأرامل وأطفالهن. إضافة إلى بناء سياسات أسرية متكاملة ومندمجة، لما فيه خير الأسرة المغربية الخلية الأساس داخل المجتمع، والمنطلق الفعلي لأي تنمية حقيقية.

ومن هذا المنطلق ترتفع العديد من الأصوات خاصة المراكز المهتمة بالإرشاد الأسري داعية إلى تشجيع ثقافة أسرية هادفة وبناءة وذلك في إطار سياسة وطنية أسرية متكاملة ومندمجة تعيد الاعتبار لمؤسسة الأسرة وتقوي تماسكها وقوتها، سياسة توظف مختلف الوسائل والوسائط الإعلامية والثقافية والفنية وذلك بتعاون وشراكة بين مختلف الفاعلين وعلى رأسهم المنظمات والجمعيات والهيآت العاملة في المجال الأسري.

باحثة مهتمة بشؤون المرأة والأسرة






 هام جداً قبل أن تكتبو تعليقاتكم

ضغط هنـا للكتابة بالعربية

 

أضف تعليقك على الخبر
* كاتب التعليق
* عنوان التعليق
  * الدولة
* التعليق



منتدى الزهراء يصدر كتاب : 'المرأة الموظفة والتوزع بين الأدوار '

منتدى الزهراء يصدر كتاب : دور المرأة العربية في التنمية المستدامة

منتدى الزهراء يصدر كتاب الإرشاد الأسري

قراءة في كتاب

منتدى الزهراء يصدر نشرته للدورة الاولى

منتدى الزهراء وجمعية الإرشاد الأسري يؤكدان على ضرورة إعادة الاعتبار للمرتكزات المرجعية والخصوصيات ال

دورة تدريبية تحت شعار : " تأهيل الجمعيات النسائية رهان التنمية البشرية" .

دورة تكوينية في المجال الحقوقي

دورة وطنية تدريبية في مجال الاستماع و الإرشاد الأسري

دورة تكوينية لفائدة المقبلين عل الزواج

الأسرة وموقعها من الإصلاحات المرتقبة بقلم/ د. جميلة المصلي

ملتقى عالمي لحماية الأسرة يناقش تجاوزات اتفاقية «سيداو»