دور الأسرة في الحجر الصحي

إن كل كارثة طبيعية هي محاولة من الطبيعة لخلق توازن جديد، وهذا ما نفسر به جائحة كورونا (covid19)، التي إقتحمت الكرة الأرضية بين ثانية وثانية وأسست لنفسها سكنا داخلها، باعتبارها فيروس ليس بكائن حي، لأنه يفتقد لعنصر من عناصر الحياة، فيتكون من خلايا والأمر الثاني أنه لا يستطيع أن يتكاثر خارج الجسم، فيبقى قابل للعدوى لمدة طويلة.

وهنا تم نشأ معركة ضد " كوفيد19 "، خاضها المغرب بكل الوسائل الضرورية العلمية منها والإقتصادية والإجتماعية والأمنية والدينية وغيرها، والأهم تم إحترازعملية كعلاج لهذا الفيروس القاتل، سميت بالحجر الصحي.

تُعد جائحة "كوفيد-19" بمثابة تنبيه لنا بأننا لسنا سادة الكون، وأن العالم ليس ملكا خاصا بنا، فتم إختلاس أهم شيء يساعدنا على البقاء ونناضل من أجله وهي الحرية، فلمواجهة انتشار الفيروس فرض علينا الحجر الصحي كوضع استثنائي، لحماية أنفسنا وحماية أسرنا، فاضحى لهذا الوضع دور كبير للأسر من أجل استغلال الوقت وتثمين العلاقة الأسرية بين الأباء والأبناء وإعادة نظام البيت، لأنه في الفترة الأخيرة، كان لمواقع التواصل الاجتماعي دورها الكبير وتأثيرها القوي على حياة الافراد، لهذا فإن فترة الحجر الصحي ستكون فرصة جميلة لإمضاء وقت أكبر مع العائلة بعيدا عن ضغوطات الحياة الراهنة.

وفي ظل استجابة الأغلبية لهذا الحجر المنزلي، هنا يجب على الأب والأم التعامل مع العزل المنزلي على أنه مرحلة للتقارب الأسري وفرصة لإعادة الانسجام من خلال تعاون كلا الزوجين في تفهم المرحلة، وأن يكونا قدوة للأبناء في المنزل من خلال تعاونهما وتفهم أنها مرحلة مهمة للحفاظ على سلامتهما وسلامة أبنائهما وما تحمله من صعوبات قد أدت إلى الضرر بأسر أخرى على المستوى الاقتصادي والصحي والتعليمي بالدرجة الأولى. وهنا لا بد من تعاون جميع الموجودين بالمنزل لوضع برنامج أسري يشغل وقت فراغهم بما يفيد، وعلى سبيل المثال:

- يجب أن يعلموا أطفالهم على أنها مرحلة مؤقتة وليست عطلة وأن عليهم مواصلة تعليمهم بمتابعة دروسهم والاستعداد لها.

- توزيع بعض المهام المنزلية لمساعدة الأم والأب في نظافة المنزل وخلق المنافسة بين الأبناء.

- تصميم برامج ثقافية تحتوي على مسابقات وجوائز بسيطة ويشارك فيها جميع أفراد الأسرة.

- يمكن تخصيص وقت للقراءة المفيدة لموضوع يكون مشتركا في الاهتمام بين جميع أفرد الأسرة، ويمكن ذلك بأكثر من طريقة، مثل أن يكلف أحد الأبناء بقراءة مقاطع من الكتاب ومناقشتها مع باقي أفراد الأسرة بشكل جماعي بما يكسبهم المعلومات المفيدة.

- تخصيص وقت لمشاهدة التلفاز وتصفح الإنترنت ولكن يجب أن يراعي الوالدان ألا يكون ذلك طاغيا على باقي أنشطة الأسرة، إذ إن ذلك يشجع على الكسل وعدم الحركة.

- تنظيم حصة رياضة يقودها الأب في المنزل ويشاركه الأبناء في التنفيذ لبعض التمارين الرياضية التي تساعد على المحافظة على صحة الجسم وقوته.

وأخيرا يجب أن يساهم الأب والأم في توعية الأبناء بعدم الانسياق خلف أي إشاعة وطمأنتهم بأنهم سيكونون بخير طالما يلتزمون بتعليمات السلامة التي أوصت بتنفيذها وزارة الصحة وضبط النفس والابتعاد عن المشاحنات وعدم التركيز على صغائر الأمور، وعدم تحميل كل طرف الآخر ما لا يطيق من الطلبات أو الأوامر، وهذا سيكون جيدا لتماسك الأسرة. *

أميمة عميمي

 

* مقال رأي تم انجازه في إطار"برنامج الإعلاميين الشباب" الذي يندرج في مشروع "إشراك" القيادات الجمعوية في الترافع وتقييم السياسات العمومية المنظم من طرف "منتدى الزهراء للمرأة المغربية" والممول من طرف الوكالة الأمريكية للتنمية  الدولية.

الآراء المعبر عنها من طرف كاتب المقال لا تعبر بالضرورة عن موقف "المنتدى" أو ممول المشروع.