أضف المقال إلى :
yahoo Facebook yahoo Twitter Myspace delicious Live Google

أضيف في 18 يناير 2012 الساعة 03 : 14


الطفلة خديجة...بأي ذنب قتلت؟ بقلم د.بثينة قروري


 

لقد شهدت وضعية المرأة في المغرب تطورا مهما على العديد من الأصعدة، وذلك نتيجة نضالات كبيرة للمناضلات النسائيات من مختلف المشارب، لكن مع تقدير هذه "الإنجازات" وباستقراء الواقع لا يمكننا إلا أن نصطدم بعدة مفارقات واختلالات لازالت تعيشها المرأة المغربية. ولا يسعنا إلا أن نقول بأن هناك قضايا أكثر أهمية تنتظر النضال من أجلها وهي القضايا الحقيقية الموجودة في العمق الاجتماعي المغربي والتي تؤثر بشكل كبير على تطور الوضعية الحقوقية للمرأة المغربية، خاصة وأن هذه القضايا لم توجه لها نفس الجهود التي بذلت لقضايا أخرى،على أهميتها، تبقى ذات طبيعة فوقية وذات أثر محدود.

إن حلول اليوم الوطني للمرأة يدفعنا لتقييم ما حققته المرأة المغربية بعيدا عن الاحتفالية، كما يجعلنا نقف على المشاكل التي لازالت تكرس العديد من مظاهر التخلف في المجتمع، وهنا نشير بدرجة أساس إلى مشكلة الأمية لدى النساء والفتيات عموما ولدى المرأة القروية خصوصا، والتي لازالت بعيدة عن البرامج الأممية القاضية بتعميم تمدرس الفتيات.

إن الإحصاءات الرسمية والدراسات تكشف أن أعلى نسبة من النساء الفقيرات هن النساء الأميات، وأن هذه الشريحة هي الأكثر عرضة للعنف.

إن أمية المرأة تؤدي إلى استمرار تدني مكانتها الاجتماعية وبالتالي استمرار غياب الوعي لديها بالمتغيرات الداعمة لها ، وعدم اتساع الخيارات أمامها لتجديد نشاطاتها وتنويع أدوارها و بالتالي ضعف الاستفادة من أي مكسب حقوقي أو قانوني تم تحقيقه لفائدة المرأة نفسها، وهو ما يؤثر سلبا في ضمان نجاح برامج التنمية الهادفة إلى إدماج المرأة في التنمية وتعليم النساء، ففي ظل أمية المرأة ووسطها الأسري فإن دور المرأة في التنشئة الاجتماعية لا يكون داعماً للتطور والتنمية بل مكرسا للتخلف الذي يعيد إنتاج نفس الأنماط الثقافية التقليدية.

في ظل هذا المشكل البنيوي لا يمكن الحديث عن أي تطور نوعي وكمي لوضع المرأة وللمجتمع ككل. إن مشكلة الأمية مرتبطة بشكل أساس بغياب الديمقراطية، فباستقراء بسيط للدول التي ترتفع فيها نسب الأمية نجد أنها نفس الدول التي تنخفض فيها مؤشرات الديمقراطية وهذا ما قد يفسر غياب الإرادة السياسية الحقيقية للقضاء على هذا المشكل ببلدنا، ذلك أن استمراره يخدم سياسات وتوجهات معينة لم تعد خافية على أحد.

في مغرب الألفية الثالثة لازلنا نعمل على إعادة إنتاج الأمية عن طريق ارتفاع معدلات الهدر المدرسي وعدم تمدرس الفتيات خاصة في المناطق القروية التي تعمل على تغذية سوق العمل في المنازل بيد عاملة من الفتيات الصغيرات اللواتي يشتغلن في أعمال تفوق قدراتهن الجسمية و تشكل عائقا أمام نموهن العاطفي و الجسدي في ظل حرمان من أبسط الحقوق الإنسانية التي من المفروض التمتع بها كطفلات، هذا العمل يتم خارج أي رقابة وخارج أي إطار قانوني ينظمها في خرق سافر للاتفاقيات الدولية المتعلقة بحقوق الطفل وتلك القاضية بمنع تشغيل القاصرين، وهي الاتفاقيات التي صادق عليها المغرب.

إن الأرقام تتحدث عن وجود أزيد من 70 ألف خادمة قاصرة تعمل في البيوت بأجور زهيدة، والظاهرة تأخذ خطا تصاعديا مع ارتفاع مؤشرات الفقر، في حين نجد أن الحكومة المغربية الممثلة في وزارة التنمية الاجتماعية والأسرة و التضامن قد تبنت خطة عمل وطنية للطفولة في سنة 2006، يشكل برنامج "إنقاذ" لمنع تشغيل الخادمات الصغيرات جزءا منها، وهو البرنامج الذي لم يتم تفعيله إلى حد الآن .

في المقابل فإن سياسة الوزارة حاليا، ركزت جهودها على إخراج الأجندة الحكومية للمساواة التي لا تتضمن أي هدف أو إجراء يتعلق بمنع تشغيل الفتيات الصغيرات في البيوت، كما جعلت من قضية التمثيلية السياسية للمرأة والعنف ضد النساء محورا هاما في صلب انشغالاتها، وهي بهذه السياسة نأت بنفسها عن هموم النساء في القرى والمداشر والمناطق المهمشة، نساء وفتيات صغيرات يبحثن عن لقمة تسد رمق بطون جائعة وكسوة تغطي أجساد عارية.

في هذا السياق أريد أن أقف على بعض الحالات التي تداولها الإعلام مؤخرا، ويتعلق الأمر بقضية الخادمة زينب اشطيط بوجدة والطفلة خديجة التي تناول الإعلام خبر قتلها على يد مشغلتها في مدينة الجديدة بعد عنف وحشي مارسته عليها، وهنا أطرح السؤال حول أسباب العنف الكامن الذي أصبح لدى المواطن المغربي والذي يصرفه خارج المنطق وفي أبشع صور الانحطاط الإنساني، عنف وحشي تتعرض له فتاتين صغيرتين يتراوح سنهما مابين 10 و11 سنة، مكانهما الطبيعي مقاعد الدراسة وساحات اللعب مع الأطفال، تجدان نفسيهما أمام أعمال جسدية تغتصب براءتهما.

قضية الشهيدة خديجة تسائل الحكومة عن برامجها ومخططاتها، ما جدوى هذه المخططات إن كانت لا تحل مشكلة الطفولة المغتصبة المحرومة من صناعة مستقبلها، إنها قضية تسائل الحكومة، تسائل ميزانيات محاربة الأمية والهدر المدرسي، التي لم يصل منها لخديجة وأمثالها إلا وصلات إشهارية لم تغير من وضعها شيئا.. إنها تسائل الحكومة عن سبب تأخرها وتماطلها في استصدار قانون ينظم هذا النوع من العمل ويجرم تشغيل القاصرات.

إنها قضية تسائل أيضا الحركات النسائية عن جدوى حديث الفنادق والصالونات عن حقوق لا يتم تنزيلها على الأرض،.. وفاة خديجة تسائلنا جميع عن جدوى نضال نسائي من أجل الرفع من التمثيلية النسائية همه الأساسي هو البحث عن سبل للعودة للبرلمان مرة أخرى، وبأي ثمن، بدل جعل المؤسسة التشريعية قلعة للنضال الحقيقي من أجل قضايا النساء في المغرب العميق.

إن طوابير من مثيلات خديجة ينتظرن دورهن في سرداب يقودهن للمجهول، فالكثيرات مازلن يعانين في صمت ويتجرعن مرارة المعاناة بمختلف أشكالها بعيدا عن أعين الصحفيين وعن المناضلات و المناضلين الحقوقيين، ينتظرن الجواب على استفهامات تطاردهن وتطارد ضمائر كل من في قلبه ذرة رحمة : خديجة البريئة ..بأي ذنبت قتلت؟

رئيسة منتدى الزهراء للمرأة المغربية






 هام جداً قبل أن تكتبو تعليقاتكم

ضغط هنـا للكتابة بالعربية

 

أضف تعليقك على الخبر
* كاتب التعليق
* عنوان التعليق
  * الدولة
* التعليق



منتدى الزهراء يصدر كتاب : دور المرأة العربية في التنمية المستدامة

بثينة قروري تؤكد على أن توزع الأدوار داخل الأسرة يجب أن يقوم على أساس العدل والإنصاف لا المساوة

ندوة

موقع المرأة في مشروع الجهوية، هل يحل النص معضلات الواقع؟- بقلم أمينة ماء العينين(

المرأة وأغلال الوعي/ بقلم ماء العينين أمينة

الطفلة خديجة...بأي ذنب قتلت؟ بقلم د.بثينة قروري

المهرجان الوطني التضامني مع المرأة الفلسطينية

الإرشاد الأسري بين التشريع و التطبيق

منتدى الزهراء يدعو إلى جبهة وطنية لمناهضة الاستغلال الجنسي للقاصرات

فاس تحتفي بانتصار المقاومة الإسلامية بغزة

الطفلة خديجة...بأي ذنب قتلت؟ بقلم د.بثينة قروري