يعتبر تعزيز التمثيلية السياسية للمرأة في العشر سنوات الماضية مطلبا ملحا لدى المنظمات المدنية والحقوقية والنسائية وقد تنامى هذا الاهتمام بسبب تضافر عدة عوامل منها عناية المنتظم الدولي بالموضوع وتأكيده على ضرورة اتخاذ التدابير اللازمة للتمكين السياسي للنساء. وتعتبر مشاركة المرأة في العمل السياسي شرطا لتحقيق العدالة وإحلال الديمقراطية، ومؤشرا لأخذ مطالب النساء وخصوصياتهن بعين الاعتبار في مجال السياسات الحكومية.
لقد نال رفع أعداد النساء في المناصب العامة اهتماما متزايدا خلال العقد الأخير، فهو مؤشر للهدف الثالث من الأهداف الإنمائية للألفية " تعزيز المساواة بين الجنسين وتمكين المرأة "، كما أن نسبة النساء في المجالس النيابية يجب ألا تقل عن% 30 كأحد أهداف برنامج عمل "بيجين". ومن الملاحظ أن نسب النساء في المجالس النيابية تزايدت بمعدل سريع خلال العقد الماضي : حيث ارتفعت من 11, 6%في عام 1995 إلى 18,4% في مايو 2008، في حين كان معدل الزيادة، قد ارتفع بأقل من 1% خلال الفترة من عام 1975 إلى عام 1995.
فما هي الآليات التي يمكن أن تساهم في رفع التمثيلية النسائية في المؤسسات المنتخبة؟ تتخذ العديد من الدول عدة تدابير للرفع من التمثيلية النسائية في المجالس المنتخبة ومن أهم هذه التدابير :
1 اعتماد : نظام الحصة
يعتبر نظام الحصة أو ما يعرف بنظام الكوطا من أهم التدابير المتخذة لرفع التمثيلية النسائية وهو شكل من أشكال التمييز الإيجابي لمساعدة المرأة في التغلب على العوائق التي تحد من مشاركتها السياسية، وكذا تقليص الفجوة بين الجنسين في مجال التمثيلية السياسية و تصنف الحصة إلى أربعة أنواع، وهي :
النوع1 : حصة دستورية للبرلمانات الوطنية. النوع2 : بند تنظيمي للحصص في القانون الانتخابي للبرلمانات الوطنية مع وجود جزاءات. النوع2 : بند تنظيمي للحصص في القانون الانتخابي للبرلمانات الوطنية مع عدم وجود جزاءات. النوع3 : حصة دستورية أو تشريعية على المستوى دون الوطني. النوع4 : حصة للأحزاب السياسية للمرشحات في الانتخابات وتتوزع أنواع الحصة من حصة دستورية إلى حصة قانونية أو حصة حزبية تطوعية : فالحصة الدستورية هي تلك التي ينص عليها الدستور صراحة، بينما الحصة القانونية هي تلك التي ينص عليها قانون الانتخاب، أو قانون الأحزاب السياسية، أو أي قانون آخر مطبق في البلد المعني. وتستند الحصة الدستورية والقانونية إلى نصوص تشريعية تلزم الأحزاب السياسية بتطبيقها. وفي حالة عدم الالتزام، تتعرض الأحزاب إلى مخالفات يحددها القانون، وتتنوع عادة من استبعاد المرشحين إلى استبعاد الحزب السياسي المخالف وحرمانه من الدعم العمومي. وهي معمول بها في 46 بلدا.
وفي مايو 2008، كان متوسط تمثيل المرأة 21,9% في البلدان التي كانت تعمل بهذه الأنواع من الحصص مقارنة بنسبة قدرها 15,3% في بقية البلدان.
أما الحصة الطوعية فيتم تبنيها طوعا من قبل الأحزاب السياسية لضمان ترشيح نسبة محددة من النساء على قوائم الحزب. وهذا الشكل من أشكال الحصة غير ملزم ولا ينتج عن عدم الالتزام به أي مخالفة.
2 دور الأحزاب السياسية :
تضطلع الأحزاب السياسية بدور كبير في تشجيع تمثيلية النساء، ففي العديد من الدول الديمقراطية خاصة الاسكندينافية منها، تعمد الأحزاب إلى وضع حصة داخلية لرفع تمثيلية النساء. وفي النظم الديمقراطية، تمثل الأحزاب السياسية القناة الرئيسية للمشاركة السياسية. ففي ألمانيا يخصص حزب الخضر البديل حصة قدرها %50 للنساء، ويخصص حزب الاتحاد الديمقراطي المسيحي حصة قدرها 33,3%، ويخصص الحزب الديمقراطي الاشتراكي الألماني حصة قدرها% 40، وهكذا في بعض الأحزاب البلجيكية والنرويجية. غير أن استجابة الأحزاب السياسية في وضع حصة داخلية في مختلف أنحاء العالم تبقى ضعيفة. وتتحمل الأحزاب مسؤولية كبيرة في إنجاح نظام الحصة من خلال اعتماد مساطر ديمقراطية في وضع اللوائح، لتحويل مشاركة المرأة إلى مشاركة فعلية وإضافة نوعية تسهم في تطوير الممارسة السياسية.
3 دور النظم الانتخابية :
تعد النظم الانتخابية مؤشرا قويا لأعداد النساء المرتقبة في مجال التمثيل النيابي. فنظام التمثيل النسبي كثيرا ما يتيح لمزيد من النساء المنافسة والفوز أكثر مما تتيحه نظم الأغلبية البسيطة، وذلك لأنها عادة ما تضم دوائر انتخابية متعددة الأعضاء تخصص فيها المقاعد بالتناسب مع النسبة المئوية للأصوات التي تحصل عليها الأحزاب. وهذا يشجع على وجود مزيد من التنوع في برامج الأحزاب ومرشحيها. أما نظم الأغلبية البسيطة التي يمثل فيها مرشح واحد فقط دائرة انتخابية فعادة ما لا تشجع الأحزاب على ترشيح النساء.
وفي سنة2007م، كان المتوسط العالمي للمقاعد البرلمانية التي تشغلها المرأة في نظم التمثيل النسبي يبلغ 20,7% مقارنة بمتوسط عالمي قدره 13,3% في النظم الأخرى. وأغلبية البلدان التي تشغل فيها النساء 30% أو أكثر من مقاعد المجالس الوطنية تطبق نظام الحصص بشكل أو بآخر.
إن تعزيز التمثيلية النسائية يحتاج إلى إرادات سياسية تؤمن بأن الإصلاح المنشود يحتاج إلى كل كفاءات هذا الوطن برجاله ونسائه.
|