1. بخصوص الأوضاع الأسرية للقاصرات:
• هناك نسبة مرتفعة من الأمية لدى الآباء والأمهات معا، ويشكل عدد الأمهات الأميات ضعف عدد الآباء (53,7% من الأمهات مقابل %27,9 من الآباء)، حيث ينعكس المستوى الدراسي للآباء والأمهات على مدى توفير الرعاية الأسرية السليمة والملائمة لاحتياجات الأطفال، والتي من شأنها تحصينهم ضد مختلف أشكال الانحرافات، فالمستوى الثقافي الجيد للآباء والأمهات يضمن للطفل تنشئة اجتماعية متوازنة، ويمكن الآباء من تواصل أفضل مع أبنائهم خاصة في مرحلة المراهقة؛
• غالبية القاصرات المستغلات جنسيا جئن من وضعيات أسرية مضطربة وغير مستقرة تتسم بغياب لأحد الأبوين (تفكك أسري – هجر- وفاة أحد الأبوين...) بنسبة تصل إلى 55%، زيادة على وضعيات أخرى (الطفلات مجهولات الهوية، أو طفلات التبني...) لتصل إلى ما يقارب 60%، ناهيك على كون 20,8% من عائلات القاصرات المستغلات جنسيا تعرف حالة سجن أحد أفرادها؛ الأمر الذي يجعل من الوسط الأسري للفتيات غير آمن. وجود نسبة مهمة من القاصرات اللائي لا يتحدثن مطلقا مع أبائهن عن أفكارهن وأحاسيسهن ومستقبلهن.
• إن نوعية العلاقة التي تربط الأبوين ليست جيدة بالنسبة لكثير من الفتيات القاصرات فقرابة 30% يعتبرنها علاقة سيئة للغاية، و16% منهن غير راضيات عن طبيعة هذه العلاقة، أي في المجموع 46% من الفتيات لا ينظرن بعين الرضى لنوعية العلاقة التي تجمع الأب بالأم. فقد أكدت معطيات البحث الميداني أن وتيرة الشجار العائلي أمام الأبناء مرتفعة عموما (بشكل دائم تصل إلى نسبة 25,5%، وفي "غالب الأحيان" 12,4% وأحيانا: 20% )، مما انعكس بالتالي على صورة الأسرة بشكل عام لدى الفتاة القاصر إذ أن 17% من الفتيات اعتبرن أن أسرهن من النوع الذي لا يقتدى به، و30% يعتبرنها من النوع اللامبالي، و14% من النوع المتشدد.
• وجود نسبة مهمة من القاصرات اللائي لا يتحدثن مطلقا مع أبائهن عن أفكارهن وأحاسيسهن ومستقبلهن( 44,2%)، مما يعكس أزمة اهتمام الأبوين بمستقبل الفتيات، إذ أن نسبة 69,4% من القاصرات اعتبرن أن أسرهن لا يعرن اهتماما لمستقبلهن، وأبانت نسبة هامة منهن أيضا عن افتقادهن للحب والحنان داخل أسرهن (55,8%).
• وبالنسبة للسلطة الأبوية داخل البيت تبين أن نسبة مهمة تصل إلى 67,3% من الآباء لا تستطيع فرض القوانين والضوابط داخل البيت، كما أن نسبة 34,4% من الفتيات القاصرات أكدن أن أسرهن ليست على معرفة بينة مع من يكن خارج البيت، ونسبة 25,3% يعرفن ذلك أحيانا فقط، مما يعكس نوعا من اللامبالاة التي يتصف بها سلوك الأبوين فيما يتعلق بتحركات وتصرفات القاصرات عموما.
• توجد نسبة مهمة من الفتيات القاصرات اللواتي تعرضن للعنف الأسري، إذ أن 42,7% منهن يتعرضن للعنف بشكل دائم أو في غالب الأحيان من لدن الأسرة، و37,2% بشكل مناسباتي ( أحيانا فقط).
• تحتل القيم المادية الصدارة بالنسبة لأسر القاصرات المستغلات جنسيا، حيث أكدت نسبة 37,2% أن قيمة القيم بالنسبة لعائلتهم هي المال، ونسبة 27,4% تعتبرها أولوية بدرجة كبيرة، مما يؤشر على أن هناك متغيرات كثيرة طالت مجال العائلة وقوضت بالتالي من عدد من المرتكزات الأساسية المشيدة لقيم التضامن والتكافل العائلي.
من خلال معطيات هذا المحور يتبين أن هناك تدني كبير للقيم التربوية داخل الأسرة بشكل عام، إذ أن أوجه القصور هنا متعددة، بدءا بالإهمال واللامبالاة من جهة، سوء المعاملة والعنف والقدوة السيئة من جهة ثانية، علاوة على غياب الدفء العائلي والتواصل الإيجابي مع الأبناء وانعدام قيم الحوار.
2. بخصوص الأوضاع المادية للقاصرات وذويهن:
• متوسط الدخل الأسري بلغ لدى مجموع أفراد العينة 2298,16 درهما في الشهر، وهو بذلك يبقى جد بعيد عن المتوسط العام للدخل الأسري في المغرب الذي يقدر بـ 5300 درهم حسب تقديرات المندوبية السامية للتخطيط، كما أن قرابة 43,7% من عائلات الفتيات القاصرات لم يتجاوز دخلهن الشهري 2000 درهما.
• تؤكد نسبة 39,1% من الفتيات القاصرات أن أسرهن تعاني من ضيق مادي كبير، و29,1% منهن أقررن بوجود هذا الضيق المادي إلى حد ما، حيث انعكس ذلك على مدى قدرة هذه الأسر على الإيفاء بالمستلزمات الضرورية لبناتهن، إذ اعتبرت نسبة 36,8% من القاصرات أن أسرهن لا تفي بكل المتطلبات والحاجيات الضرورية المتعلقة بهن، ونسبة 34,4% من يعتبرن أن أسرهن قادرة إلى حد ما على الاستجابة لمتطلباتهن الأساسية.
• هناك نسبة مهمة من الفتيات القاصرات اللائي فكرن في مساعدة العائلة (58,7%) منهن 39,1% بشكل دائم و 19,6% في غالب الأحيان، كما أن شعور زهاء 39,6% من القاصرات بأنهن عالة على أسرهن... كلها عوامل تفسر أن ولوج عالم الشغل بالنسبة للفتيات كان في الغالب بمحض إرادتهن (60%) مقابل فقط نسبة 38,2% من القاصرات اللائي تعرضن للإجبار من طرف العائلة لولوج عالم الشغل.
• بالنسبة إلى المعطيات المتعلقة بسن الشغل لأول مرة لدى القاصرات يتبين أن العمل لديهن يبدأ مبكرا (من سن الخامسة) ويمتد إلى سن الرشد (18 سنة)، وأن ما يمثل 80,6% من الفتيات اشتغلن قبل بلوغ 15 سنة من العمر، والذي يمثل الحد الأدنى للشغل وفق ما تنص عليه بنود الاتفاقيات الدولية لاسيما تلك الصادرة عن منظمة العمل الدولية.
• عبر أكثر من نصف العينة (51%) بأن الحاجة إلى المال هي الدافع الأساسي للخروج إلى العمل، و21% يتفقن إلى حد ما مع هذا الرأي، وهكذا فقد تبين بناء على معطيات البحث الميداني أن نسبة 41,3% من القاصرات يعتبرن أن المال بالنسبة إليهن قادر على حل جميع المشكلات، وبالتالي هو بالنسبة إليهن هدفا يحاولن الوصول إليه بطريقة أو بأخرى.
• 50,4% من القاصرات يعتبرن أن الحاجة المادية هي التي تدفع بالفتاة إلى القبول بوضعية الاستغلال الجنسي، ونسبة 19% يتفقن إلى حد ما مع هذا الرأي، مما يفسر إلى حد كبير طغيان القيم المادية داخل الفضاء الأسري لهؤلاء.
3. بخصوص الماضي الدراسي للقاصرات
• تبلغ نسبة الفتيات القاصرات اللواتي انقطعن عن الدراسة أو لم يلجن إطلاقا باب المدرسة بحسب نتائج البحث الميداني 76,8%، منهن%14,3 ممن لم يسبق لهن الالتحاق بالمدرسة من قبل، وهي نسبة جد مرتفعة تعكس الهدر الكبير الذي تعيشه هذه الفئة من الأطفال.
• هناك نسبة مهمة من القاصرات اللواتي سبق لهن التكرار خلال المرحلة الدراسية بلغت 57,5% في صفوف الفتيات اللائي سبق لهن الالتحاق بالمدرسة مقابل 27,5% اللائي لم يسبق أن كررن ولو سنة واحدة خلال هذه المرحلة.
• بالنسبة للدرجات المحصل عليها من قبل هذه الفئة يتبين، بناء على معطيات البحث الميداني، أن نسبة 32% من القاصرات المستغلات جنسيا كن يحصلن على درجات متدنية جدا أو غير كافية، و 38,9% كن يحصلن على درجات متوسطة، وفقط نسبة 14,1% هي التي كانت مرضية.
• أظهرت نتائج البحث الميداني أن هناك نسبة مهمة من القاصرات المستغلات جنسيا (53,8%) اللائي لا يشاركن أبدا في الأنشطة الدراسية المختلفة، كما أن المواظبة على الدروس لم تتجاوز نسبة 53,5% من مجموع أفراد العينة.
• تتحدد أسباب الانقطاع عن الدراسة بالنسبة لأفراد العينة بالدرجة الأولى في أسباب ذاتية ترتبط بوضعية القاصر (نسبة 42.5%)، ثم لأسباب ترتبط بالأسرة (نسبة 37,9%) ، وفي الأخير الأسباب المتعلقة بالمدرسة (نسبة 15,8%). كما تبين من خلال المعطيات المتوفرة أن موقف الآباء من مغادرة بناتهم للمدرسة كان يتسم بنوع من السلبية؛ إذ أن 65,8% منهم يتراوح رد فعلهم بين القبول واللامبالاة.
• بلغت نسبة القاصرات اللائي غادرن المدرسة لأسباب ترتبط بشكل مباشر أو غير مباشر بالاعتداء أو التحرش الجنسي 23,3% (16,1 نعم و 7,2 إلى حد ما) مما يجعلها أسباب ثانوية تنضاف إلى العوامل السابقة المفسرة لحالات الانقطاع المدرسي لدى أفراد العينة.
4. عالم الأصدقاء بالنسبة للفتيات القاصرات
• أغلب الفتيات القاصرات كانت لهن علاقات حميمة مع أصدقاء من الجنسين بنسبة تصل إلى 67,1%، في مقابل فقط نسبة 27,7% من اللواتي لم تتوافر لهن هذه العلاقات.
• من خلال معطيات البحث الميداني تبين أن نسبة مهمة من الفتيات القاصرات تصل إلى 57,6 %ممن كن يتأثرن بسهولة بتوجهات وأراء أصدقائهن، الأمر الذي قد يفسر تفضيل زهاء 47,5% من القاصرات البقاء مع أصدقائهن عوض حضور الحصص الدراسية.
• لم ينظر كثير من الفتيات القاصرات بعين الرضى للعلاقات التي كانت تجمعهن بأصدقائهن، إذ تبين، استنادا على معطيات البحث الميداني، أن نسبة مهمة منهن يسقطن في الندم على بعض المخالطات السابقة، وتصل هذه النسبة إلى 59,4% ( نعم 44,4% - إلى حد ما 15%)، الأمر الذي قد يفسر أن قرابة نصف العينة (49,6%) ممن اعتبرن أن هذه العلاقات هي سبب أساسي في وضعيتهن الحالية.
5. الجنس والمخدرات في حياة القاصرات
• بالعودة إلى المعطيات يتبين أن مجال الاستغلال الجنسي للفتيات القاصرات يتمركز أكثر في الشارع بنسبة تصل إلى 44,9%، ثم مجال العمل بنسبة 20,5%، فمجال العائلة بما يقارب 15%، وأخيرا المجال المدرسي بنسبة تصل إلى 10,3%، مما قد يفسر هذا الخوف المتنامي من فضاءات الشارع عموما الذي لم يعد آمنا على الإطلاق لاسيما عندما يتعلق الأمر بالأطفال (الفتيات تحديدا).
• يتصدر سن 14 سنة باقي السنوات الأخرى بالنسبة لعمر القاصر عند استغلالها جنسيا لأول مرة (نسبة 16%)، تليها الأعمار التالية: 15 و16 سنة بنسبة 12,2% و11,7% على التوالي، ثم 12 و13 سنة بنسبة 10,7 % و10,0% على التوالي أيضا، ويلاحظ من خلال المعطيات المحصل عليها أن الفئة العمرية التي طالها الاستغلال أكثر هي فئة السن 11-16 سنة إذ تشكل لوحدها ما يقارب 70% من مجموع أفراد العينة.
• سجلت المعطيات ارتفاعا هاما في نسبة الفتيات اللواتي سلمن بواقع الاستغلال الجنسي دونما أي رد فعل يذكر (40%)، وتنخفض عندما يتعلق الأمر بإخبار الأسرة لتصل إلى26%، والشرطة أو جهات أخرى فقط 5,2%.
• تتنوع وتتعدد الآثار المترتبة عن الاستغلال الجنسي للفتيات القاصرات بحسب معطيات الدراسة بين ما هو جسدي وما هو نفسي، فعلى مستوى الآثار الجسدية نجد أن أكثر من ثلث العينة من الفتيات قد أصبن بجروح (نسبة 37%)، و15,4% عانين من التهابات في الأعضاء التناسلية، ونسبتي 11,9% و10,1% تتعلق باللواتي أصبن بالكدمات والقروح. أما فيما يتعلق بالآثار النفسية تتصدر مشاعر الانتقام قائمة المشاعر والأحاسيس بالنسبة لـ 20,9% من الفتيات القاصرات المستغلات جنسيا، فالاكتئاب 17,9%، ثم الشعور بالذنب 14,4%، والكوابيس 10,8%.
• بدأت العلاقات الجنسية التي كانت برغبة القاصرات في سن مبكرة (12 سنة) علما أن أغلبها كان في سن الخامسة عشرة بنسبة تصل إلى 27,5%، ومتوسط سن أول علاقة رغبت فيها الفتاة هو 14,5 سنة، ونستخلص من معطيات البحث الميداني أن مرحلة العلاقات التي كانت برغبة الفتاة تنتمي في أغلبها للفئة العمرية 13 -16 سنة.
• أما فيما يتعلق بالعلاقات الجنسية المؤدى عنها فهي تبدأ متأخرة عن أولى، تتدرج في الصعود عند سن الرابعة عشرة (بنسبة 9,3%)، وتطال ربع العينة في سن الخامسة عشرة، لتبلغ ذروتها في 16 سنة بأعلى نسبة (34,5%)، بمتوسط حسابي يقدر بـ 15,06 سنة، وهكذا يمكن القول إن العلاقات المؤدى عنها تبدأ بشكل واضح لدى القاصرات في المرحلة العمرية 15 -17 سنة.
• المقابل المادي للعلاقات الجنسية المؤدى عنها لدى غالبية القاصرات كان هزيلا ومعبرا في الآن ذاته عن استغلال آخر، إذ أن 28,4% حصلن على أقل من 50 درهما، و24,5% ما بين 100 و200 درهم، و18,7% ما بين 50 و100 درهم. وتوضح المعطيات في الآن ذاته أن فقط نسبة 28% من القاصرات من كن راضيات عن هذه الوضعية، أما الباقيات فقد تراوح شعورهن ما بين التوتر والغضب (34,1%)، الحيرة ( 19,2%) والقلق (18,7%). وأظهرت النتائج أيضا أنه ليست هناك علاقة دالة إحصائيا بين المقابل المادي المحصل عليه والشعور بالرضى من عدمه.
• تشير معطيات البحث الميداني أن غالبية الفتيات القاصرات المستغلات جنسيا (42,7%) يتعاطين للمخدرات بكل أنواعها من حشيش، و(الغبرة) بكل أشكالها...، 36% يتعاطين للكحول، و21,3% للحبوب المهلوسة.
• بداية التعاطي للمخدرات لدى الفتيات القاصرات كانت في سن مبكرة (10 سنوات)، وتشكل 11 سنة بالنسبة لأفراد العينة بداية ارتفاع الوتيرة في التعاطي حيث انتقل إلى نسبة 10,2%، ليبلغ الذروة في 13 سنة بنسبة تقارب خمس الفتيات (19,4%)، ويستمر في سن 15 سنة بنفس النسبة تقريبا (19,1%)، لينخفض بالتدريج بعد هذه السن.
من خلال ما سبق يتبين أن الوسط الأسري لدى الفتيات يتميز بعدد من الإشكالات: وسط أمي، مضطرب، مشحون بالخلافات، وسط لا مبالي، يفتقد للحب والحنان، يعلي من القيم المادية، ويفتقر في المقابل للكثير من القيم الإنسانية النبيلة التي تعلي من قيمة الفرد... مما يجعل هذه البيئة الأسرية فاقدة للكثير من الدعامات التربوية التي شأنها تعزيز السلوكات الإيجابية للأبناء.
وتواجه ذات الأسر صعوبات مادية جمة تؤثر حتما على وضع القاصرات في نواحي متعددة، وتتجلى هذه الصعوبات أساسا في: متوسط دخل شهري ضعيف، ضيق مادي، عدم القدرة على تلبية الحاجيات والمتطلبات الأساسية للفتيات... عوامل تعجل أكثر من ولوج مبكر لسوق الشغل لدى أفراد العينة بهدف مساعدة الأسرة والحصول على المال، وبالتالي التعرض لأشكال متنوعة من الاستغلال في مجال الشغل أيضا.
وأبان الماضي الدراسي للفتيات القاصرات المستغلات جنسيا عن أوجه متعددة للقصور ينم في الواقع عن رأسمال ثقافي محدود لا يتلاءم والنموذج البيداغوجي السائد في المدرسة، ويجعلهن أكثر عرضة للهدر والتسرب والانقطاع المبكر... كاشفا في الآن ذاته عن ضعف كبير في الآليات المعتمدة لإدماج هذه الفئة داخل المنظومة التعليمية... وبالتالي يجعلها أكثر عرضة للانحراف والضياع.
فالفتاة القاصر كما أبانت عن ذلك المعطيات السابقة غير قادرة على الاندماج والتفاعل الإيجابي في المحيط المدرسي بكل مكوناته نتيجة ما تعانيه من توترات وصراعات نفسية جراء الاستغلال الجنسي، وسيطرة المشاعر السلبية كالرغبة في الانتقام، والشعور بالذنب، والانغماس المفرط في أحلام اليقظة... مما يجعل الفتاة القاصر المستغلة جنسيا طاقة مهدورة مدرسيا في غياب وسائل دعم ملائمة تمكنها من إعادة بناء مشروعها الدراسي، وبالتالي مشروع الحياة ككل.
إن الاختلالات التي تمس الحقل المدرسي اليوم، والتحولات التي تشهدها الأسرة المغربية، يجعل من بيئة الأصدقاء بيئة تنشيئية موازية، وملاذا تعويضيا على أشكال الحرمان المتعددة التي تعيشها هذه الفئة، حيث يكون تماهي أكثر مع جماعة الأقران بعيدا عن رتابة كل من الزمن المدرسي والزمن الأسري كما أوضحت ذلك نتائج الدراسة.
وقد أسفرت النتائج أيضا عن استغلال جنسي مبكر لهؤلاء القاصرات أفضى إلى عدد من السلوكات وردود فعل، فبالإضافة إلى الآثار الجسدية والنفسية العميقة التي خلفها هذا الاستغلال، هناك بداية مبكرة في التعاطي للمخدرات لدى نسبة هامة من المستغلات جنسيا.
وهكذا يمكن القول إن الفرضيات المطروحة والمتعلقة بكل المحاور السابقة قد تحققت.
6. على مستوى صورة الذات والتوافق النفسي لدى القاصرات
• بناء على نتائج مقياس صورة الذات الذي خضعت له عينة من القاصرات المستغلات جنسيا وعينة من الفتيات العاديات، تبين من خلال فحص الفروق الإحصائية بين العينتين أن صورة الذات لدى الفتيات العاديات هي أفضل بكثير من صورة الذات لدى عينة الدراسة، بفارق بين متوسطي العينتين يقدر ب 0,46 وقيمة t 5,18 الدالة إحصائيا في مستويات الدلالة المحددة في المقياس. مما يعكس وجود صعوبات حقيقية لدى الفتيات القاصرات المستغلات جنسيا في تقديرهن لذواتهن بشكل إيجابي.
• وفيما يتعلق بمقياس التوافق النفسي التي تم إجراؤه على عينة أخرى من الفتيات القاصرات وعينة من الفتيات العاديات، تبين وجود فروق إحصائية بين العينتين تدل على أن التوافق النفسي عند الفتيات العاديات هو أفضل بكثير من التوافق النفسي المحصل عليه لدى عينة الدراسة من الفتيات القاصرات المستغلات جنسيا، بفارق بين متوسطي العينتين 0,38، وقيمة t التي قدرت بـ 6,48 الدالة إحصائيا في مستويات الدلالة المحددة في المقياس. مما يمكننا من القول إن الفتيات المستغلات جنسيا أقل توافق نفسي من الفتيات العاديات، وبالتالي أقل قدرة على الاندماج بشكل إيجابي في المجتمع.
مما سبق نخلص إلى أن صورة الذات والتوافق النفسي لدى الفتيات القاصرات المستغلات جنسيا كان أقل إحصائيا بالمقارنة مع الفتيات اللائي لم يتعرضن للاستغلال الجنسي، وبالتالي صدق الفرضيات المتعلقة بهذا المحور.